وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨)}:
قوله عز وجل: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ﴾ أي: واذكر يوم نبعث.
وقوله: ﴿وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي: ولا يطلب منهم العُتْبَى، وهي الرجوع إلى الرضا، أي: لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى ما أمر الله به ويرضاه.
﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿شَهِيدًا﴾ (١) نصب على الحال من الكاف في ﴿بِكَ﴾.
وقوله: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا﴾ التبيان: مصدر، وهو شاذ، لأنّ المصادر إنما تجيء على التَّفْعَالِ بفتح التاء كالتَّذْكَارِ والتَّكرار. وقد جوز أبو إسحاق فتحه في غير القرآن (٢)، ولم تجئ بالكسر إلا التبيان والتلقاء، وكلاهما في التنزيل (٣)، وانتصابه على أنه مفعول له، وكذا ما عطف عليه إلى قوله: ﴿وَبُشْرَى﴾. ولك أن تجعلهن في موضع الحال، إما من الضمير في (نزلنا) بمعنى: متبينين وهادين وراحمين ومبشرين، أو من الكتاب، أي: متبينًا وهاديًا وراحمًا ومبشرًا.
فإن قلت: تبيَّن لازمٌ أو متعدٍ؟ قلت: يتعدى ولا يتعدى، يقال: تبيَّن الشيء، إذا ظهر، وتبيَّنْتُهُ أنا، ونظيره: أبان الشيء وأبنته، واستبان الشيء واستبنته.
(٢) معاني أبي إسحاق الزجاج ٣/ ٢١٧.
(٣) أما (تبيان) فهذه التي في النحل. وأما (تلقاء) فجاءت في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم، أولها في الأعراف (٤٧). وثانيها في يونس (١٥). والأخير في القصص (٢٢).