وقوله: ﴿رَغَدًا﴾ مصدر في موضع الحال من الرزق، أي: واسعًا. وقيل: طيبًا، وقيل: هنيئًا (١).
وقوله: ﴿بِأَنْعُمِ اللَّهِ﴾ الأنعُم: جمع نعمةٍ على ترك الاعتداد بالتاء، كدِرْعٍ وأَدْرُعٍ، أو جمع نُعْمٍ كودّ وأَوُدٍّ، يقال: هذه أيام طُعْمٍ ونُعْمٍ (٢). وفي الحديث: "نادى منادي النبي - ﷺ - بالموسم بمنى، إِنَّهَا أَيَّامُ طُعْمٍ ونعم، فلا تصوموا" (٣). أو جمع نَعْمَاء كبَأْسَاءَ وأبُؤسٍ، وضرَّاء وأضُرٍّ (٤).
وقوله: ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾ الجمهور على جر الخوف عطفًا على الجوع. وقرئ: (والخوفَ) منصوبًا (٥) عطفًا على اللباس، أو على موضع ﴿الْجُوعِ﴾ على أن ألبسهم الجوع والخوف، أو على تقدير حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، أي: ولباس الخوف.
وقوله: ﴿وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿فَأَخَذَهُمُ﴾.
{فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ

(١) كونه (واسعًا) هو قول أبي عبيدة ١/ ٣٦٩. والزجاج ٣/ ٢٢١. والطبري ١٤/ ١٨٥. واقتصر الماوردي على المعنيين الأخيرين لم يذكر غيرهما، انظر النكت والعيون ٣/ ٢١٧.
(٢) قال الزجاج ٣/ ٢٢١. والنحاس في الإعراب ٢/ ٢٢٦: أنعم جمع نعمة عند سيبويه، وقال قطرب: جمع نُعم، مثل ودّ وأودّ. قلت: جمع أبو عبيدة بينهما فقال: واحدها نعم، ومعناه نعمة، وهما واحد. (مجاز القرآن ١/ ٣٦٩).
(٣) بهذا اللفظ ذكره أبو عبيدة في الموضع السابق. والزمخشري في الكشاف ٢/ ٣٤٦. وقال الحافظ في تخريجه ٩٦ - ٩٧: لم أجده هكذا. قلت: ورد الحديث بكراهية صوم أيام منى لأنها أيام أكل وشرب وليس فيه لفظ (نعم) لكن روى الإمام أحمد من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن ابنًا له تنحى عن الطعام في يوم من أيام التشريق لأنه صائم، فقال له: أما علمت أن رسول الله - ﷺ - قال: "إنها أيام طُعْمٍ وذِكْرٍ". انظر المسند ٢/ ٣٩. وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٤) حكاه الطبري ١٤/ ١٨٧ عن بعض أهل الكوفة. وانظر معالم التنزيل ٣/ ٨٨.
(٥) رواية عن أبي عمرو. انظر السبعة / ٣٧٦/. والحجة ٥/ ٨٠. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٤٢.


الصفحة التالية
Icon