وقوله: ﴿أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ النفير: مَن ينفر مع الرجل مِن قومه، وهو اسم للجمع، كالقوم والنفر والرهط. وقيل: هو جمع نَفْرٍ ككلِيبِ وعَبِيدٍ في جمع كلْبٍ وعبْدٍ (١)، وانتصابه على التمييز.
﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ في اللام وجهان:
أحدهما: على بابها، وهو الوجه، لأن اللام للاختصاص، والعامل مختص بجزاء عمله خيرًا كان أو شرًا، والتقدير: فلها جزاء الإساءة.
والثاني: بمعنى على، أي: فعليها (٢)، كقوله: ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (٣) والمعنى: وإن أسأتم فإنما تسيئون على أنفسكم، وإنما قال: ﴿فَلَهَا﴾ ولم يقل: فعليها ازدواجًا للكلام.
وقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ أي: المرة الآخرة من إفسادكم، وجواب (إذا) محذوف، حذف لدلالة ذكره أَوَّلًا، تقديره: بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، واللام من صلة هذا المحذوف، والمعنى: ليحزنوكم. والمراد بالوجوه: أصحاب الوجوه، أي: ذوي وجوهكم.
قال أبو علي: قال أبو زيد: سُؤْتُه مَسَاءَةً، وَمَسَائِيةً، وَسَوَايَة (٤).
قلت: والأصل سَوَائِيةً، فَعَالِيةً بمنزلة (علانية)، ولكن حذفت

(١) جوزه الزجاج ٣/ ٢٢٨.
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ٥/ ١٠. والعكبري في التبيان ٢/ ٨١٣. لكن رده النحاس في الإعراب ٢/ ٢٣١ وقال: لا يقوله النحويون الحذاق.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
(٤) انظر كلام أبي علي عن أبي زيد في الحجة ٥/ ٨٦.


الصفحة التالية
Icon