لام الأمر، وكذلك في ﴿وَلِيُتَبِّرُوا﴾، وعلى القراءات التي قبلُ: لام كي.
وقوله: ﴿مَا عَلَوْا﴾ (ما) مفعول (ليتبروا) وهي موصولة، أي: وليهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليه إهلاكًا، والتَّبار: الهلاك، وتَبَّرَهُ: أهلكه. أو مصدرية على تقدير المدة، كقولك: أتيتك خفوقَ النجمِ، ومَقْدَمَ الحاجِّ، بمعنى: وليهلكوا الناس مدة علوهم، أي: غلبهم واستيلائهم.
﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿حَصِيرًا﴾ مفعول ثانٍ، وهو فعيل بمعنى فاعل، ولهذا لم يؤنث. قال أبو إسحاق: معناه: حَبْسًا، أُخذ من قولك: حصرت الرجل، إذا حبسته، فهو محصور، وهذا حصيره، أي مَحْبسه. والحصيرُ المنسوجُ إنما سمي حصيرًا، لأنه حصرت طاقته بعضها مع بعض، والجنب يقال له: الحصيرُ، لأن بعض الأضلاع محصور مع بعض (١).
وعن الحسن: الحصير: هو الذي يُفرش ويبسط، أي: جعلنا لهم مهادًا (٢).
وقوله: ﴿أَنَّ لَهُمْ﴾ في موضع نصب لعدم الجار وهو الباء، أو جر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع (٣).
﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)﴾:
(٢) أخرجه الطبري في الموضع السابق عنه ورجحه. وانظر النكت والعيون ٣/ ٢٣١.
(٣) انظر إعرابه للآية (٢٥) من البقرة.