قوله عز وجل: ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ عطف على ﴿أَنَّ لَهُمْ﴾ على معنى: أنهم بشروا بالأمرين بثوابهم وبعقاب أعدائهم.
وقوله: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ﴾ المصدر مضاف إلى الفاعل، والتقدير والمعنى: ويدعو الإنسان في حال ضجره وغضبه بالشر على نفسه وأهله وماله دعاءً مثل دعائه لهم بالخير، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، وحذف المضاف الذي هو مثل وأقيم المضاف إليه مقامه.
﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (١٢) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ﴾ الجعل هنا يحتمل أن يكون بمعنى الخلق، فيكون انتصاب ﴿آيَتَيْنِ﴾ على الحال. وأن يكون بمعنى التصيير فتكونا مفعولي ثانٍ، وفيه وجهان:
أحدهما: في الكلام حذف مضاف، إما من أوله أو من آخره، والتقدير: [جعلنا نَيِّرَي الليل والنهار آيتين أو] (١) وجعلناهما ذوي آيتين، ودل على ذلك قوله: ﴿آيَةَ اللَّيْلِ﴾ و ﴿آيَةَ النَّهَارِ﴾.
والثاني: لا حذف فيه، بل هما في أنفسهما آيتان، وهو إِقبال كل واحد منهما من حيث لا يعلم، وإدباره إلى حيث لا يعلم وغير ذلك.
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ أي: مضيئة (٢). وقيل: ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء (٣)، يقال: أبصر النهار، إذا كان أصحابه
(٢) هذا قول قتادة كما في جامع البيان ١٥/ ٥٠. وبه قال الزجاج ٣/ ٢٣٠. وحكاه النحاس في المعاني ٤/ ١٢٩ عن الفراء.
(٣) قاله صاحب الكشاف ٢/ ٣٥٣.