مزيدة، زيدت عليها تأكيدًا لها، فلزم الفعل الذي هو فعل الشرط نون التوكيد وهو ﴿يَبْلُغَنَّ﴾، ولو جردت (إن) من (ما) لم يصح دخول النون فيه، والجزاء: ﴿فَلَا تَقُلْ﴾. و ﴿أَحَدُهُمَا﴾: فاعل ﴿يَبْلُغَنَّ﴾، و ﴿أَوْ كِلَاهُمَا﴾: عطف عليه.
وقرئ: (يبلُغانِّ) على التثنية (١)، وإنما ثُني ضمير الفعل لتقدم ذكر الوالدين، فالألف فاعل الفعل، و ﴿أَحَدُهُمَا﴾ بدل من الألف، و ﴿أَوْ كِلَاهُمَا﴾ عطف على ﴿أَحَدُهُمَا﴾، وحكمه [حكمه] فاعلًا كان أو بدلًا، فاعرفه فإنّ فيه أدنى غموض.
قال الزمخشري: فإن قلت: لو قيل: إما يبلغان كلاهما، كان (كلاهما) توكيدًا لا بدلًا، فما لك زعمت أنه بدل؟ قلت: لأنه معطوف على ما لا يصح أن يكون توكيدًا للاثنين، فانتظم في حكمه فوجب أن يكون مثله. فإن قلت: ما ضرك لو جعلته توكيدًا مع كون المعطوف عليه بدلًا، وعطفت التوكيد على البدل؟ قلت لو أريد توكيد التثنية لقيل: كلاهما فحسب، فلما قيل: أحدهما أو كلاهما علم أن التوكيد غير مراد، فكان بدلًا مثل الأول، انتهى كلامه (٢).
وقد جوز أن يكون ﴿أَحَدُهُمَا﴾ على قراءة من قرأ: (يبلغانِّ) فاعل فعل مضمر دل عليه هذا الظاهر (٣)، وهو فعل ألف الضمير الراجع إلى الوالدين تقديره: إن بلغ أحدهما أو كلاهما.
وأن يكون الألف في (يبلغان) [حرفًا بمنزلة التي] في قولك: (قاما أخواك) (٤)، فيكون ارتفاع ﴿أَحَدُهُمَا﴾ بالفعل المذكور، والوجه هو الأول لسلامته من الدَّخَل والرد.

(١) قرأها حمزة، والكسائي، وخلف. انظرها مع قراءة الباقين في السبعة / ٣٧٩/. والحجة ٥/ ٩٦. والمبسوط / ٢٦٨/.
(٢) الكشاف ٢/ ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٣) جوزه ابن خالويه في كتابه الحجة / ٢١٦/. والعكبري ٢/ ٨١٧.
(٤) يعني أنها ليست ضميرًا، وإنما علامة تثنية.


الصفحة التالية
Icon