النصب، وقرئ: (خالقُ السمواتِ) على فاعل (١)، لأن فاعلًا يكون للمضي كفعل، كفاطرِ السمواتِ، والإضافة محضة، لأنه لِما مضى، (والأرضِ) عطفٌ على (السمواتِ) لأن كسرة التاء علامة الجر في هذه القراءة.
﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ لفظه لفظ الماضي ومعناه الاستقبال، أي: ويبرزون، وإنما جيء بلفظ الماضي، لأن ما أخبر به عز وجل لصدقه كأنه قد كان ووجد (٢). و ﴿جَمِيعًا﴾: حال من الضمير فيه.
وقوله: ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ (تَبَعًا) هنا يحتمل أن يكون جمع تابع، كحرسٍ وخدمٍ في جمع حارسٍ وخادمٍ، أي: إنا كنا تابعين لكم، وأن يكون مصدر تبع يتبع تبعًا، أي: إنا كنا لكم ذوي تبع، ولك أن تقدره باسم الفاعل، والتَّبَعُ: الاتباع، يقال: تَبِعَهُ تَبَعًا واتَّبَعَهُ اتّباعًا، والأَوْلَى أن يكون جمع تابع، لأجل تعلق ﴿لَكُمْ﴾ به.
وقوله: ﴿مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (من شيء) من صلة ﴿مُغْنُونَ﴾، و ﴿مِنْ﴾ صلة. و ﴿مِنْ عَذَابِ اللَّهِ﴾ متعلق بمحذوف، لأنه في موضع نصب على الحال من ﴿شَيْءٍ﴾ لتقدمه، والتقدير والمعنى: فهل أنتم قادرون على أن تدفعوا عنا شيئًا كائنًا من عذاب الله؟ إما بتحمله عنا أو بصرفه منا على الوصف، فلما قدم عليه نصب على الحال، ولك أن تجعل ﴿مِنْ عَذَابِ اللَّهِ﴾ من صلة ﴿مُغْنُونَ﴾، و (شيئًا) مصدرًا، أي: غناءً.

(١) قرأها حمزة، والكسائي، وخلف. والباقون على الأولى، انظر السبعة / ٣٦٢/. والحجة ٥/ ٢٨. والمبسوط / ٢٥٦/.
(٢) انظر الكشاف ٢/ ٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon