وقرئ: بفتحها (١) على أنها التعليلية، و ﴿بَاخِعٌ﴾ للاستقبال على القراءتين فيمن قرأ: (إن لم يؤمنوا) بالكسر، وللمضي فيمن قرأ: (أَنْ لم يؤمنوا) بالفتح، أي: لأن [لم] يؤمنوا.
والباخع: القاتل، يقال: بخع نفسه يَبْخَعُهَا بَخْعًا، إذا قتلها، أي: قاتلها ومهلكها.
وقوله: ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ قيل: من بعد توليهم وإعراضهم عنك (٢). وقيل: ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ على موتهم على الكفر (٣). يقال: بكى على أثر فلان، إذا بكى على فراقه.
وقوله: ﴿بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ أي: بهذا القرآن، و ﴿أَسَفًا﴾: مصدر في موضع الحال من المنوي في ﴿بَاخِعٌ﴾، أي: أسيفًا أو ذا أسف، أو مفعول له، أي: لفرط الحزن، أو لفرط الغيظ.
والأسف: الحزن على ما فات، والأسف: الغيظ أيضًا، وقد أَسِفَ على ما فاته يَأْسَفُ أَسَفًا فهو أسِفٌ وأسِيفٌ، وأسِفَ عليه أَسَفًا، أي: غضب. وآسَفَهُ: أغضبه، ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ (٤).
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً﴾ جعل هنا يحتمل أن يكودْ متعديًا إلى مفعولين وهما ﴿مَا﴾ و ﴿زِينَةً﴾، وأن يكون متعديًا إلى واحد وهو ﴿مَا﴾، و ﴿زِينَةً﴾ مفعول [له]، أو حال أي: ذات زينة، أو ذا زينة،
(٢) زاد المسير ٥/ ١٠٥. والقرطبي ١٠/ ٣٥٣.
(٣) النكت والعيون ٣/ ٢٨٤.
(٤) سورة الزخرف، الآية: ٥٥.