و (جعل) على الوجه الأول بمعنى صير، وعلى الثاني: بمعنى خلق.
وفي ﴿مَا﴾ وجهان:
أحدهما: على بابها، والمراد بها: ما على وجه الأرض من الشجر والنبات والمياه والمعادن والذهب والفضة وأنواع الجواهر، جعلها الله زينة لها زينها بها.
والثاني: ﴿مَا﴾ بمعنى مَن، والمراد بها: الأنبياء - عليهم السلام - والعلماء، وقيل: حفظة القرآن. وقيل: جميع الرجال، جعلهم الله زينة للأرض. وقيل: ما على الأرض من المشتبهات المحرمات، جعلها زينة الأرض وزينها في أعين الخلق ليبلوهم بالصبر عنها. والوجه هو الأول وعليه الأكثر (١).
وقوله: ﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ اللام من صلة ﴿جَعَلْنَا﴾. و ﴿أَيُّهُمْ أَحْسَنُ﴾: مبتدأ وخبر، ولم يعمل في أيٍّ ما قبله لأنه استفهام، والاستفهام له صدر الكلام، والمعنى: لتختبرهم أيهم أحسن عملًا في الترك والزهد فيها. و ﴿عَمَلًا﴾: نصب على التمييز.
قوله: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ (ما): مفعول أول لِجاعلون. و ﴿صَعِيدًا﴾: هو المفعول الثاني، و ﴿جُرُزًا﴾: صفة له. والصعيد: التراب، والجرز: الأرض التي لا تنبت، كأنها تأكل ما عليها أكلًا، يعني: مثل أرض بيضاء لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء معشبة.
﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ (أم) هنا هي المنقطعة بمعنى: بل أحسبت؟ و ﴿أَنَّ﴾ وما اتصل بها سدت مسد مفعولي الحسبان. و ﴿مِنْ آيَاتِنَا﴾: خبر كان، أي: آية من

(١) انظر هذه الأقوال وأصحابها في النكت والعيون ٣/ ٢٨٥. وزاد المسير ٥/ ١٠٥ - ١٠٦.


الصفحة التالية
Icon