فحذف المفعول الذي هو الحجاب، كما يقال: بنى على حليلته، يريدون: بنى عليها القبة (١).
و﴿سِنِينَ﴾: نصب على الظرف، و ﴿عَدَدًا﴾: صفة لـ ﴿سِنِينَ﴾، أي: ذوات عدد أو معدودة. وقد جوز أبو إسحاق أن يكون منصوبًا على المصدر مع تجويزه ما ذكرت، على معنى: تُعَدُّ عددًا. قلت: لو كان مصدرًا لكان مدغمًا. ثم قال: والفائدة في قولك: عدد في الأشياء المعدودات، أنك تريد توكيد كثرة الشيء، لأنه إذا قَلَّ فُهِمَ مقدارُهُ ومقدارُ عدده فلم يحتج أن يُعَدّ، وإذا كثر احتاج إلى أن يُعَد (٢).
وقال غيره: يحتمل أن يريد الكثرة، وأن يريد القلة، لأن الكثير قليل عنده، كقوله: ﴿لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ﴾ (٣).
﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (١٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ عطف على ﴿فَضَرَبْنَا﴾. ومعنى بعثناهم: أيقظناهم.
وقوله: ﴿لِنَعْلَمَ﴾، الجمهور على النون في (لنعلم)، وقرئ: (لِيُعْلَمَ) على البناء للمفعول (٤)، والفعلان معلقان عن ﴿أَيُّ﴾ لكونه استفهامًا، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وارتفاعه بالابتداء، والخبر ﴿أَحْصَى﴾، وفاعل (٥) (يُعْلَمَ) مضمون الجملة، كما أنه مفعول (نَعْلَمَ) على قراءة الجمهور.
(٢) معاني الزجاج ٣/ ٢٧١.
(٣) سورة الأحقاف، الآية: ٣٥. والقول للزمخشري ٢/ ٣٨١.
(٤) قرأها أبو الجوزاء، وأبو عمران، والنخعي كما في زاد المسير ٥/ ١١٤. وحكاها ابن خالويه في مختصره / ٧٨/. عن الأخفش.
(٥) يعني القائم مقامه.