و (رعبًا) بالتخفيف والتثقيل (١)، وهما لغتان فاشيتان كالسُّحُتِ والسُّحْتِ.
وهو منصوب على التمييز، وقيل: هو مفعول ثان (٢)، وليس بشيء؛ لأن (ملأ) لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد. والرعب: الخوف الذي يرعب الصدر، أي: يملؤه، من رعبت الحوض: إذا ملأته، ومنه سيل راعب، إذا ملأ الوادي، وسنام رعيب، أي: ممتلئ سمين (٣).
﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (١٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ﴾ محل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: كما أنمناهم تلك النومة بعثناهم بعثًا كذلك، أي: مثل ما قصصنا عليك وأنبأناك به من شأنهم.
وقوله: ﴿لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ﴾ من صلة (بعثنا) أي: ليسأل بعضهم بعضًا فيعرفوا ما جرى عليهم، ويعلموا قدرة الله جل ذكره.
وقوله: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ المميز محذوف و ﴿كَمْ﴾ منصوب الموضع على أنه ظرف زمان، وناصبه ﴿لَبِثْتُمْ﴾، والتقدير: كم

(١) مثلها مثل كلمة (الرعب) في آل عمران، فقد قرأ أبو جعفر، وابن عامر، والكسائي، ويعقوب بضم العين في جميع القرآن. وقرأ الباقون بإسكان العين في جميع القرآن. انظر المبسوط / ٢٧٦/. والكشف ٢/ ٥٧. والإتحاف ٢/ ٢١١.
(٢) قاله أبو البقاء ٢/ ٨٤١. والسمين ٧/ ٤٦١. واقتصر الزجاج ٣/ ٢٧٥ على الأول، قال: تقول: امتلأت ماءً، وامتلأت فرقًا، أي: امتلأت من الفرق، ومن الماء.
(٣) انظر الصحاح (رعب).


الصفحة التالية
Icon