وقوله: ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ يحتمل أن يكون مصدرًا، أي: عدولًا، وأن يكون مكانًا، أي: مُلْتَجَأً تعدل إليه، وهو مُفْتَعَلٌ من لحد أَو أَلْحَدَ إذا مال، والالتحاد: الميل والعدول.
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾ أي: احبسها معهم، والصبر: حبس النفس عند الجزع.
وقوله: ﴿بِالْغَدَاةِ﴾ وقرئ أيضًا: (بالغُدْوَةِ) (١)، والغَدَاةُ أمتن عند النحاة، لأن (غُدْوَةَ) عَلَمٌ عندهم، والأعلام لا يدخلها اللام في الأمر العام إلا على تأويل التنكير، وقد مضى الكلام في الغداة والغدوة في سورة الأنعام فأغناني عن الإعادة هنا (٢).
وقوله: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿يَدْعُونَ﴾.
وقوله: ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ﴾ الجمهور على إسناد الفعل إلى العينين، أي: ولا تتجاوز عيناك، يقال: عداه، إذا جاوزه. وعدا عنه، إذا انصرف عنه. يتعدى بنفسه وبالجار كما ترى، وقيل: عُدِّي بعن لتضمين عدا معنى نبا وعلا، يقال: نَبَتْ عنه عَيْنُهُ، وعلت عنه عينُه، إذا اقتحمته ولم تعلق به (٣).
وقرئ: (ولا تُعْدِ عَيْنَيْكَ) (٤)، (وَلا تُعَدِّ عَيْنَيْكَ) (٥) من أعدَيْتُ عيني عن

(١) بالواو وضم الغين هي قراءة ابن عامر وحده من العشرة. انظر السبعة / ٣٩٠/. والحجة ٥/ ١٤٠. والمبسوط / ١٩٤/.
(٢) انظر إعرابه للآية (٥٢) منها.
(٣) القول للزمخشري ٢/ ٣٨٨.
(٤) بضم التاء وسكون العين ونصب العينين. قرأها الحسن كما في إعراب النحاس ٢/ ٢٧٣. ومختصر الشواذ / ٧٩/. والمحتسب ٢/ ٢٧. والمحرر الوجيز ١٠/ ٣٩٤.
(٥) بضم التاء وفتح العين وشد الدال المكسورة ونصب العينين. قرأها الحسن أيضًا كما في =


الصفحة التالية
Icon