وقوله: ﴿يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ يحتمل أن يكون نعتًا لماء، وأن يكون حالًا من الماء لكونه قد وصف، أو من المنوي في قوله: ﴿كَالْمُهْلِ﴾ إن جعلت الكاف حرفًا.
وقوله: ﴿بِئْسَ الشَّرَابُ﴾ أي: بئس الشراب المهل.
﴿وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾: أي: وساءت النار مرتفقًا، أي: متكَأ، يقال: ارتفق فلان، إذا توكّأ على مرفقه، وقيل: وهذا لمشاكلة قوله: ﴿وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا﴾ وإلا فلا ارتفاق لأهل النار ولا اتكاء (١). وقيل: ﴿وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ أي: منزلًا ومقرًا (٢)، وانتصابه على التمييز.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (٣١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ في خبر ﴿إِنَّ﴾ وجهان:
أحدهما: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾، وقوله: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ...﴾ الآية، اعتراض بينهما.
والثاني: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾، على تقدير: من أحسن عملًا منهم، فحذف الراجع منه إلى المبتدأ تخفيفًا، وللعلم به كما حذف من

= المسير ٥/ ١٣٥. ورجحه أبو جعفر النحاس. ودردي الزيت وغيره ما يبقى في أسفله. (الصحاح درد).
(١) قاله الزمخشري ٢/ ٣٨٩. وكون ﴿مُرْتَفَقًا﴾ بمعنى متكأ: هو قول أبي عبيدة ١/ ٤٠٠. وحكاه الزجاج ٣/ ٢٨٢ عن أهل اللغة.
(٢) قاله الزجاج ٣/ ٢٨٢. وحكاه الماوردي ٣/ ٣٠٤ عن الكلبي. ونسبه ابن الجوزي ٥/ ١٣٦ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -.


الصفحة التالية
Icon