﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾ قيل: وإنما أفرد الجنة بعد التثنية لأنهما جميعًا ملكه فصارا كالشيء الواحد (١). وقيل: لاتصالهما (٢). وقيل: المعنى ودخل ما هو جنته، ما له جنة غيرها، يعني أنه لا نصيب له في الجنة التي وعد المتقون، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما (٣).
وقوله: ﴿وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ محل الجملة النصب على الحال من المنوي في ﴿وَدَخَلَ﴾.
وقوله: ﴿أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾ أي: أن تهلك هذه الجنة، وقيل: هذه الأرض (٤). و ﴿أَبَدًا﴾: ظرف زمان، وعامله: ﴿أَنْ تَبِيدَ﴾.
﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (٣٦) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ قرئ: (مِنْهَا) على التوحيد ردًا على الجنة، وقرئ: (مِنْهُمَا) على التثنية (٥) ردًا على الجنتين.

(١) قاله العكبري ٢/ ٨٤٧.
(٢) كذا ذكره أبو السعود ٣/ ٥٢١. والآلوسي ١٥/ ٢٧٥. وقال ابن عطية ١٠/ ٤٠٢: أفرد الجنة من حيث الوجود كذلك، إذ لا يدخلهما معًا في وقت واحد. واختار هذا أبو حيان ٦/ ١٢٥. وقال العكبري في الموضع السابق: اكتفاء بالواحدة عن الثنتين كما يكتفى بالواحد عن الجمع.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٣٩٠. والرازي ٢١/ ١٠٧.
(٤) يعني الدنيا وما فيها من سماوات، وأرضين، ومخلوقات. وانظر معاني النحاس ٤/ ٢٤١. وزاد المسير ٥/ ١٤٢. والقرطبي ١٠/ ٤٠٤. وروح المعاني ١٥/ ٢٧٦.
(٥) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وابن عامر: (منهما) على التثنية، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة والمدينة والشام. وقرأ الباقون: (منها) على الإفراد، وكذلك هي في مصاحف أهل البصرة والكوفة. انظر السبعة / ٣٩٠/. والحجة ٥/ ١٤٤. والمبسوط / ٢٧٧/.


الصفحة التالية
Icon