وَوُصِفَ الماءُ بالمصدر كما وصف الصعيد به، وهو أبلغ من قولك: غائرًا أو ذا غور، كقولك: رجل صَوْمٌ وَزَوْرٌ، وإِنْ شئت قدرت باسم الفاعل، أو على حذف مضاف، وكلٌ حَسَنٌ جائز شائع في كلام القوم، غير أن الوصف بالمصدر أبلغ وأفخم.
﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ في القائم مقام الفاعل وجهان:
أحدهما: ﴿بِثَمَرِهِ﴾ بمعنى: أُهلك ثمرُهُ؛ وأحيط بفلان: عبارة عن إهلاكه، قيل: وأصله من أحاط به العدو، لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه، ثم استعمل في كل إهلاك (١).
والثاني: مضمر وهو المصدر.
وقوله: ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ﴾ (يقلب) في موضع نصب لكونه خبر (أصبح) أي: مُقَلِّبًا. و ﴿كَفَّيْهِ﴾ مفعول ﴿يُقَلِّبُ﴾، وتَقَلُّبُ الكفين: كناية عن الندم والتحسر، لأن النادم يفعله كثيرًا، فصار ذلك عبارة عن الندم.
وقوله: ﴿عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا﴾ يحتمل أن يكون: من صلة ﴿يُقَلِّبُ﴾ لأنه في معنى الندم، ولما كان في معناه عُدِّيَ تعديته بعلى، كأنه قيل: فأصبح يندم على الذي أنفقه فيها، أو على الإنفاق فيها. وأن يكون: في موضع الحال من المنوي في ﴿يُقَلِّبُ﴾ أي: متأسفًا، أو متحسرًا على ذلك.
وقوله: ﴿وَيَقُولُ﴾ محله النصب إما على خبر (أصبح) عطفًا على ﴿يُقَلِّبُ﴾ أو على الحال عطفًا على الحال المقدرة المذكورة آنفًا. ﴿يَالَيْتَنِي﴾ أي: يا قوم أيا هؤلاء ليتني لم أشرك بالله أحدًا.