من قال: مهلكًا، وهو ابن عباس - رضي الله عنهما - (١). يقال: وَبَق يَبِقُ بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر وُبُوقًا، إذا هلك، وهو وابق، والمَوْبِقُ مَفعِل منه، كالمورِد والموعِد من ورد يرد، ووعد يعد، وفيه لغة أخرى: وَبِقَ يَوْبَقُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر وَبَقًا وهو وَبِقٌ، وفيه لغة ثالثة: وَبِقَ يَبِق بالكسر فيهما (٢)، وأوبقه، أي: أهلكه، والإيباق: الإهلاك. والضمير المجرور في ﴿بَيْنَهُمْ﴾ للعابد والمعبود من دون الله.
﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا﴾ أي: فأيقنوا أنهم ملابسوها ومخالطوها، والمواقعة: ملابسة الشيء بشدة، من وقع، إذا سقط.
وقوله: ﴿وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا﴾ فالمصرف يجوز أن يكون مكانًا، على معنى: ولم يجدوا عن النار مَعْدِلًا، أي: مكانًا يرجعون إليه، وأن يكون مصدرًا، أي: لم يجدوا عنها انصرافًا، وإنما لم يجدوا عنها ذلك، لأنها أحاطت بهم من كل جانب فلم يقدروا على الخلاص منها.
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (٥٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ مفعول ﴿صَرَّفْنَا﴾ على رأي صاحب الكتاب محذوف، أي: صرفنا أنواعًا أو أقوالًا من كل مثل يحتاجون إليه، أي: بينا. وعلى رأي أبي الحسن ﴿مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ هو المفعول، و ﴿مِنْ﴾ صلة (٣).
(٢) انظر هذه اللغات في الصحاح (وبق).
(٣) انظر التبيان ٢/ ٨٥٢.