يكون عطفًا على ﴿صَابِرًا﴾، فيكون في محل النصب. بمعنى: ستجدني صابرًا وغير عاص، والعصيان: مخالفة الأمر.
﴿قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (٧٠) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَا تَسْأَلْنِي﴾ قرئ: بإسكان اللام وتخفيف النون وإثبات الياء، وبفتح اللام وتشديد النون وإثبات الياء (١). وقد أوضحت وجه ذلك في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة.
وقوله: ﴿أَخَرَقْتَهَا﴾ في الاستفهام هنا وجهان، أحدهما: للتوبيخ والإنكار. والثاني: للاستعلام.
وقوله: ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ (اللام) لام كي. وقيل: لام العاقبة (٢). وقرئ: بتاء مضمومة وكسر الراء مسندًا إلى المخاطب، حملًا على ما قبله وعلى ما بعده، فالذي قبله قوله: ﴿أَخَرَقْتَهَا﴾، والذي بعده قوله: ﴿لَقَدْ جِئْتَ﴾، ونصب الأهل به. وبياء وراء مفتوحتين مسندًا إلى الأهل (٣).
وقوله: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ أي: أتيت شيئًا عظيمًا، من أَمِرَ الأَمْرُ يَأْمَرُ - بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر - أَمَرًا، إذا عظم واشتد، والاسم: الإِمر بالكسر، قال الراجز:

(١) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ المدنيان، وابن عامر: (فلا تسألَنِّي) مفتوحة اللام مشددة النون. وقرأ الباقون: (فلا تسألْنِي) ساكنة اللام خفيفة النون. واتفقوا على إثبات الياء في الوقف والوصل إلا ما رُوي عن ابن ذكوان عن ابن عامر أنه حذف في الحالين. انظر السبعة / ٣٩٤/. والحجة ٣/ ١٥٧ - ١٥٨. والمبسوط / ٢٨٠/. والتذكرة ٢/ ٤١٦.
(٢) انظر جامع القرطبي ١١/ ١٩. والبحر ٦/ ١٤٩. وأكثر تفصيلًا في روح المعاني ١٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧.
(٣) هكذا (لِيَغْرَقَ أهلُها)، وهي قراءة حمزة، والكسائي، وخلف. وقرأ الباقون بالأولى. انظر السبعة / ٣٩٥/. والحجة ٥/ ١٥٨. والمبسوط / ٢٨٠/.


الصفحة التالية
Icon