٤٠٥ - قَدْ لَقِيَ الأَقْرَانُ مِنِّي نُكْرَا دَاهِيَةً دَهْيَاءَ إدًّا إِمْرَا (١)
﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بِمَا نَسِيتُ﴾ في (ما) ثلاثة أوجه، أحدهما: موصولة وعائدها محذوف، أي: بالذي نسيته. والثاني: موصوفة، أي: بشيء نسيته. والثالث: مصدرية، أي: بنسياني، أي: لا تؤاخذني بما تركته من عهدك، وهو العهد الذي كان أعطاه من نفسه ألا يسأله عن شيء حتى يخبره هو به، كذا روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: هو من النسيان الذي هو الترك، لا من النسيان الذي هو السهو (٢).
وقوله: ﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ (عسرًا) مفعول ثان للإرهاق، يقال: رَهِقَه يَرْهَقُه بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر رَهَقًا، إذا غشيه، من قوله تعالى: ﴿وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾ (٣). وأرهقه طغيانًا، أي: أغشاه إياه. و ﴿مِنْ أَمْرِي﴾: في موضع الحال من ﴿عُسْرًا﴾ أي: ولا تغشني عسرًا كائنًا من أمري، والمعنى: عاملني باليسر لا بالعسر (٤).
﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ قرئ: (زاكية) و (زكية) (٥)، وهما
(١) هكذا أنشده أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٤٠٩ ورووه عنه. انظر جامع البيان ١٥/ ٢٨٤ و ١٦/ ١٢٩. والصحاح (أمر). والنكت والعيون ٣/ ٣٢٧. والكشاف ٢/ ٣٩٧.
(٢) أخرجه الطبري ١٥/ ٢٨٥. والماوردي ٣/ ٣٢٧ واللفظ له، والمعنى الأول أصح لما جاء في الصحيحين من حديث أُبي - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قال: "كانت الأولى من موسى نسيانًا". انظر البخاري (٤٧٢٥). ومسلم (٢٣٨٠).
(٣) سورة يونس، الآية: ٢٦.
(٤) كذا في معاني الزجاج ٣/ ٣٠٢.
(٥) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب في =


الصفحة التالية
Icon