يعني أنهم كفرة مثلهم، وحكمهم مثل حكمهم في تعذيبه إياهم إن أبوا ما يدعوهم إليه من الملة المرضية، وإحسانه إليهم إن قبلوا منه ما يدعوهم إليه.
وقوله: ﴿وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ انتصاب قوله: ﴿خُبْرًا﴾ على المصدر، لأنَّ ﴿أَحَطْنَا﴾ بمعنى خبرنا، أو على التمييز بمعنى: أحاط خبرنا بما لديه.
﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٩٢) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (٩٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ (بين) هنا مفعول به كما تقول: بلغ فلان البلد والأجل، لأنه من الظروف التي تستعمل أسماء وظروفًا، ولهذا جُرَّ في قوله: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ﴾ (١) ورفع في قوله: (لقد تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ) (٢) وأقيم مقام الفاعل في قوله: (يُفْصَلُ بَيْنَكم) (٣) في قول من ضم الياء (٤).
وقرئ: (السدَّين) بفتح السين وضمها (٥). واختلف فيهما، فقيل: هما لغتان بمعنىً (٦)، كالضَّعْفِ والضُّعْفِ.
وقيل: ما كان من خَلْقِ اللَّهِ فهو مضموم، وما كان من عمل العباد فهو مفتوح (٧).
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٩٤. وهذا على القراءة الثانية الصحيحة أيضًا، وقد خرجتها في موضعها.
(٣) سورة الممتحنة، الآية: ٣.
(٤) قراءة متواترة، سوف أخرجها في موضعها إن شاء الله.
(٥) أما فتح السين: فقراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وحفص عن عاصم. وقرأ الباقون بضم السين. انظر السبعة / ٣٩٩/. والحجة ٥/ ١٧٠ - ١٧١. والمبسوط / ٢٨٣/.
(٦) قاله الكسائي كما في جامع البيان ١٦/ ١٥. وإعراب النحاس ٢/ ٢٩٣.
(٧) قاله عكرمة كما في المصدرين السابقين، وهو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٤١٤.
ويعني بقوله: ما كان من خلق الله، أي من الجبال والشعاب وغيرهما.