هذا العمل نعمة من ربي على عباده. وقيل: الإشارة إلى التمكين، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (١).
وقوله: (جعله دَكًا) أي: مدكوكًا، أو ذا دك، وهو مفعول به ثان، ولك أن تجعله في موضع الحال، على أن يكون جعل بمعنى خلق، ولك أن تنصبه على المصدر على تضمين جعل معنى دك.
وقرئ: (دكاء) ممدودًا (٢)، أي: كأرض دكاء، أي: مستوية، أو كناقة دَكَّاءَ، وهي التي لا سنام لها، لا بد من تقدير هذا، لأن الجبل مذكر، [والمذكر لا يوصف بدكاء، وإنما ذاك للمؤنث] (٣) فحذف المضاف، وقد ذكر في "الأعراف" (٤).
﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (٩٩) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (١٠١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ (جمعًا) مصدر مؤكد، ومثله ﴿عَرْضًا﴾، ومعنى (عَرَضْنَا): أظهرنا، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (٥).
وقوله: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ﴾ إما موصول بـ (الكافرين) على النعت، أو منصوب على الذم، أو مرفوع على: هم الذين.

(١) اقتصر الطبري ١٦/ ٢٧. والبغوي ٣/ ١٨٢ على الأول. واقتصر النحاس في الإعراب ٢/ ٢٩٦ على الثاني. ولم يذكر الزجاج ٣/ ٣١٣ إلا قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولم أجد من نسبه إليه. وانظر هذه المعاني في النكت والعيون ٣/ ٣٤٤. وزاد المسير ٥/ ١٩٥.
(٢) مهموز غير منون، قرأها عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف. والباقون على (دكًّا) منون غير ممدود. انظر السبعة / ٤٠٢/ والحجة ٥/ ١٨٢. والمبسوط / ٢٨٥/. والتذكرة ٢/ ٤٢١.
(٣) ساقط من (أ) و (ب).
(٤) آية (١٤٣) منها. وانظر أوجه الإعراب هنا في الحجة أيضًا الموضع السابق.
(٥) انظر إعرابه للآية (٤٨) من هذه السورة.


الصفحة التالية
Icon