و ﴿ذِكْرُ﴾: مصدر مضاف إلى المفعول به وهو الرحمة، والرحمة: مصدر مضاف إلى الفاعل، و ﴿عَبْدَهُ﴾: منصوب بالرحمة، والتقدير: أن ذكر ربك رحمته عبده.
وقيل: ﴿عَبْدَهُ﴾ منصوب بـ ﴿ذِكْرُ﴾، وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: أَنْ ذَكَرَ رَبُّكَ عبدَه زكريا برحمته (١).
وقيل: بل المصدر الذي هو ﴿ذِكْرُ﴾ مضاف إلى الفاعل وهو الرحمة، و ﴿عَبْدَهُ﴾ مفعول الذكر، والتقدير: أَنْ ذَكَرَتْ رَحْمَةُ رَبِّكَ عبدَه، كقولك: ذكرني كرم زيد، وإن كان الذاكر في الحقيقة هو زيدًا، ونحو هذا اتساع (٢). والحقيقة ما ذكر أولًا.
و﴿زَكَرِيَّا﴾: بدل من ﴿عَبْدَهُ﴾، أو عطف بيان له.
وقرئ: (ذَكَّرَ) بفتح الكاف وتشديدها. ونصب قوله: (رحمةَ ربك) (٣) على أنه فعل ماض، وفاعله ضمير ما سلف ذكره، أي: هذا المتلو من القرآن ذَكَّر الرسولَ أو المرسلَ إليهم رحمةَ ربك.
وقرئ أيضًا: (ذَكَرَ رحمةَ ربك عبدُه زكريا) بفتح الكاف مخففة، ونصب قوله: (رحمةَ ربك) ورفع قوله: (عبدُه) (٤) على أنه فاعل الفعل الذي هو (ذَكَرَ).
وجاء في التفسير: أن المراد بهذه الرحمة التي رحمه الله بها، إجابته إياه حين دعاه وسأله الولد على كبر السن (٥).

(١) هذا إعراب الفراء في الموضع السابق.
(٢) انظر هذا الوجه في التبيان ٢/ ٨٦٥ أيضًا.
(٣) قرأها الحسن كما في المحتسب ٢/ ٣٧. والكشاف ٢/ ٤٠٤. والقرطبي ١١/ ٧٥. وفي البحر ٦/ ١٧٢ أنها قراءة يحيى بن يعمر.
(٤) قرأها الكلبي كما في مختصر الشواذ / ٨٣/. ومفاتيح الغيب ٢١/ ١٥٣. والبحر المحيط ٦/ ١٧٢.
(٥) انظر النكت والعيون ٣/ ٣٥٤. وقدم الرازي ٢١/ ١٥٣ عليه أن زكريا - عليه السلام - هو الرحمة.


الصفحة التالية
Icon