وقوله: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ (إذ) معمول ﴿رَحْمَتِ﴾، أي: أَنْ رَحِمَهُ حين ناداه، أو ﴿ذِكْرُ﴾، أي: أَنْ ذَكَرَهُ في ذلك الوقت برحمته. و ﴿نِدَاءً﴾: منصوب على المصدر. و ﴿خَفِيًّا﴾: نعت له، أي: دعاء خافيًا.
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ في نصبه وجهان:
أحدهما: مصدر على المعنى، لأن معنى اشتعل شاب، وفيه وجهان، أحدهما: على بابه، وهو مصدر مؤكد، والثاني: في موضع الحال.
والثاني: تمييز، والفعل في الحقيقة له، كقولك: تصبب زيد عرقًا، وَتَفَقَّأَ شحمًا (١)، وهو قول الجمهور، والمعنى: انتشر فيه الشيب، ثم أسند ذلك إلى الرأس، وأخرج الشيب مميزًا (٢).
فإن قلت: ما محل قوله: ﴿وَاشْتَعَلَ﴾؟ قلت: النصب على الحال و (قد) معه مرادة، ويجوز أن يكون عطفًا على ﴿وَهَنَ﴾.
وقوله: ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ الباء متعلقة بقوله: ﴿شَقِيًّا﴾ والمصدر مضاف إلى المفعول، ولم يذكر الفاعل، والتقدير: ولم أكن خائبًا بدعائي إياك إذا دعوتك، يقال: شقي فلان بكذا، إذا تعب بسببه، ولم يحصل مراده ومطلوبه.
﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥)﴾:
(٢) كونه مصدرًا هو إعراب الأخفش ٢/ ٤٣٧. وكونه تمييزًا هو إعراب الزجاج ٣/ ٣١٩. ورجح النحاس في الإعراب ٢/ ٣٠١ الأول. وذكر وجهًا ثالثًا هو كونه مصدرًا في موضع الحال أي شائبًا أو ذا شيب. وانظر الكشاف ٢/ ٤٠٥. والعكبري ٢/ ٨٦٦.