تفعلين كتذهبين، فالراء فاء الفعل، والهمزة عينه، والياء الأولى لامه، فألقيت حركة الهمزة على الراء، وحذفت الهمزة تخفيفًا، فبقي (تَرَيِيْنَ) ثم أبدل من الياء المكسورة التي هي لام الفعل ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لسكونها وسكون ياء الضمير بعدها، فبقي (تَرَيْنَ) ووزنه تَفَيْنَ، ولما دخلت على إنْ الشرطية (ما) الصلة للتأكيد، دخلت في فعلها نون التأكيد الثقيلة، لأن زيادة (ما) تُؤْذِنُ بإرادة شدة التأكيد، وحذف النون - التي هي علم الرفع - للبناء، إذ الفعل يصير معها مبنيًا أبدًا، وكسرت الياء من (تَرَي) لالتقاء الساكنين، هي والنون الأولى من النونين اللتين أدغمت إحداهما في الأخرى بعدها، فبقي (تَرَيِنَّ)، كما تقول للمرأة: اخْشَيِنَّ [فلانًا]، وعلى هذا قراءة الجمهور.
وعن أبي عمرو: (تَرَئِنَّ) بالهمز (١) على لغة من يقول: لبَّأتُ بالحج، وَحَلَّأتُ السويق، وذلك لما بين الهمزة وحروف اللين من المؤاخاة في القلب والإبدال، وأيضًا فقد حكي الهمزة في الواو التي هي نظيرة الياء في قوله عز وجل: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ﴾ (٢) فَشَبَّه الياءَ لكونها ضميرًا وعلم تأنيث، بالواو من حيث كانت ضميرًا وعلم تذكير، وهمزها كما همزت وإن كان ترك الهمز فيهما هو الوجه؛ لأن الحركة فيهما لالتقاء الساكنين.
وقرئ أيضًا: (فَإِمَّا تَرَيْنَ) بإسكان الياء وتخفيف النون (٣)، وهي قراءة ضعيفة مردودة من وجهين:
أحدهما: أن ما جاء في القرآن، وفي الكلام الفصيح من أفعال الشرط

(١) انظر قراءة أبي عمرو هذه في مختصر الشواذ / ٨٤/. والمحتسب ٢/ ٤٢. والكشاف ٢/ ٤٠٩. والمحرر الوجيز ١١/ ٢٥. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ٢٢٤ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأبي مجلز، وابن السميفع، والضحاك، وعاصم الجحدري.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٨٦. وانظر هذه القراءة في المحتسب الموضع السابق.
(٣) قرأها طلحة كما في المحتسب ٢/ ٤٢. وأضافها ابن عطية ١١/ ٢٥ إلى أبي جعفر، وشيبة أيضًا.


الصفحة التالية
Icon