مع (ما) المؤكدة مُؤَكَّدٌ بالنون الثقيلة، وهو الوجه والقياس لما ذكرت قبيل من أنَّ زيادة (ما) تؤذن بإرادة شدة التوكيد.
والثاني: إثبات النون وهي عَلَمٌ للرفع في حال الجزم، وهي لغية، أعني: إثبات هذه النون التي هي علم للرفع في حال الجزم، وأنشد أبو الحسن:

٤١٩ - لولا فوارسُ من قَيسٍ وأُسْرَتهمْ يَوْمَ الصُّلَيْفَاءِ لم يُوفُونَ بالجارِ (١)
كذا أنشده (يوفون) بالنون على تشبيه لم بلا، وهذا شاذ، وكلام الله تعالى لا يُحمل على الشذوذ.
وقوله: ﴿مِنَ الْبَشَرِ﴾ يجوز أن يكون من صلة الرؤية، وأن يكون حالًا من أحد.
وقوله: ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ جواب الشرط، والصوم هنا الصمت، وكذا هو في مصحف عبد الله (صَمْتًا) (٢). وقيل: صيامًا إلا أنهم كانوا لا يتكلمون في صيامهم (٣).
وقوله: ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ أي: آدميًا من آنَسَ، إذا علم وأبْصر، وهو منسوب إلى الإنس. و ﴿الْيَوْمَ﴾: ظرف لـ ﴿أُكَلِّمَ﴾.
﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)﴾:
(١) كذا هذا البيت غير منسوب في الخصائص ١/ ٣٨٨. والمحتسب ٢/ ٤٢. وشرح ابن يعيش ٧/ ٨. والمغني / ٣٦٥/. واللسان (صلف). ويروى: (من نُعم).
(٢) كذا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في معالم التنزيل ٣/ ١٩٣. والكشاف ٢/ ٤٠٩. وهي قراءة أنس - رضي الله عنه - كما في جامع البيان ١٦/ ٧٤. ومختصر الشواذ / ٨٤/. كما نسبت إلى أُبي - رضي الله عنه - في زاد المسير ٥/ ٢٢٥. وجامع القرطبي ١١/ ٩٧.
(٣) أخرجه الطبري ١٦/ ٧٤ عن الضحاك. وحكاه الماوردي ٣/ ٣٦٧ عن قتادة.


الصفحة التالية
Icon