قوله عز وجل: ﴿أَرَاغِبٌ أَنْتَ﴾ (أراغبٌ) مبتدأ، و ﴿أَنْتَ﴾ مرفوع به على أنه فاعل، وقد سدت مسد الخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لكونها قد اعتمدت على الهمزة التي معناها التوبيخ (١).
﴿عَنْ آلِهَتِي﴾: أي: عن عبادتها، فحذف المضاف للعلم به، وهنا تمام الكلام، ويجوز أن يكون تمامه ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ﴾.
وقوله: ﴿لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ (لأرجمنك) جواب قسم محذوف وقد أغنى عن جواب الشرط، أي: لَئِن لم تنته عن عيب آلهتي وشتمها، والله لأرمينك بالحجارة أو بالقول القبيح.
﴿وَاهْجُرْنِي﴾: عطف على محذوف يدل عليه ﴿لَأَرْجُمَنَّكَ﴾، لأنه تهديد ووعيد، كأنه قال: فاحذرني واهجرني. و ﴿مَلِيًّا﴾: ظرف له، أي: وتباعد عني زمانًا طويلًا، من الملاوة، وهي الحِين (٢). أو حال من المنوي فيه، يعضده قوله الحسن وقتادة: ﴿مَلِيًّا﴾ سالمًا (٣)، أي: تباعد عني سالمًا قبل أن أنالك بمكروه. وقول ابن عباس: سويًا سليمًا من عقوبتي (٤). والملي على هذا: المتمتع بالحياة الدنيا، يقال: تمليت فلانًا، إذا تمتعت به. أو المطيق، من قولهم: فلان ملي بهذا الأمر، إذا كان كامل الأمر فيه، مضطلعًا به، عن الرماني وغيره.
(٢) والبرهة، كذا قال الجوهري (ملا). والملاوة مثلثة الميم، والملوة مثلها. وكون (مليًا) بمعنى الحين، والدهر، والزمان الطويل: هو قول مجاهد، والحسن، وسعيد بن جبير كما في الطبري ١٦/ ٩١.
(٣) أخرج الطبري ١٦/ ٩٢ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقتادة، وعطية الجدلي، والضحاك، ورجحه. ولم أجد من عزاه إلى الحسن - رحمه الله -.
(٤) كذا عنه في جامع البيان ١٦/ ٩٣ الموضع السابق. والنكت والعيون ٣/ ٣٧٤.