﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ الحفي: البليغ في البر والإلطاف، فعيل: من الحفاوة، وهي المبالغة في السؤال عن الشخص والعناية في أمره، يقال: حَفِيَ به بالكسر يَحْفَى حَفَاوَةً، وَتَحَفَّى به أيضًا، إذا بالغ في إكرامه وإلطافه (١). و ﴿كَانَ﴾ هنا يفيد معنى الدوام والثبات.
وقوله: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّه﴾ (ما) في موضع نصب عطفًا على الضمير المنصوب في ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ﴾ وهي موصولة أو موصوفة.
﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ (كلا) نَصْبٌ بـ ﴿جَعَلْنَا﴾، والضمير الذي التنوين نائب عنه في (كل) راجع إلى إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب - عليهم السلام - (٢).
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا﴾ قرئ: بفتح اللام، وهو الذي أخلصه الله للنبوة، وبكسرها (٣)، وهو الذي أخلص نفسه وأسلم وجهه لله، وقد ذُكِرَ فيما

(١) من الصحاح (حفا).
(٢) كذا في جامع البيان ١٦/ ٩٣ وقال الإمام الطبري: ووحد (نبيًا) ولم يقل أنبياء لتوحيد لفظ كل.
(٣) كلا القراءتين من المتواتر، فقد قرأ عاصم في الأشهر، وحمزة، والكسائي، وخلف: (مخلَصًا) بفتح اللام. وقرأ الباقون: (مخلِصًا) بكسرها. انظر السبعة / ٤١٠/. والحجة ٥/ ٢٠٢. والمبسوط / ٢٨٩/.


الصفحة التالية
Icon