وقوله: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ النسي: بمعنى الناسي وهو التارك، أي: وما كان ربك تاركًا لك منذ أبطأ عنك الوحي (١).
وقيل: وما ربك ناسيًا، يعني: إذا شاء أن يرسل إليك أرسل (٢).
وقيل: المعنى أنه عالم بجميع الأشياء، ما مضى منها وما غبر، لا ينسى منها شيئًا (٣).
﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾ بدل من قوله: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ﴾ (٤)، أو خبر مبتدإٍ محذوف، أي: هو رب السموات فاعبده، كقوله:

٤٢٤ - وَقَائِلَةٍ خَوْلَانُ فَانْكِحْ فَتَاتَهُمْ ............ (٥)
أي: هؤلاء خولان، أو مبتدأ خبره ﴿فَاعْبُدْهُ﴾ على رأي من يرى صلة
(١) قاله الزمخشري ٢/ ٤٧. ونسبه ابن الجوزي ٥/ ٢٥٠ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -. وهو معنى القول الثاني للزجاج ٣/ ٣٣٧. لكن ردّه ابن عطية ١١/ ٤٤.
(٢) عبر الماوردي عن هذا المعنى بقوله: وما كان ربك ذا نسيان. انظر النكت والعيون ٣/ ٣٨٢.
(٣) هذا هو معنى القول الأول للزجاج في الموضع السابق. وانظر معاني النحاس ٤/ ٣٤٤. وزاد المسير ٥/ ٢٥١. وقوله: (ما مضى منها وما غبر) أي: وما بقي، لأن الغابر: الباقي، والغابر: الماضي، فهو من الأضداد. الصحاح (غبر).
(٤) من الآية التي قبلها.
(٥) وعجزه:
............ وأُكْرُومةُ الحَيَّيْنِ خِلْوٌ كما هِيا
وهو من شواهد سيبويه ١/ ١٣٩ التي لم يعرف قائلها. وانظره أيضًا في معاني الأخفش ١/ ٨٣ و ٨٧. ومعاني الزجاج ٢/ ٤٠٧. وإيضاح الشعر للفارسي / ٣١١/. والمقتصد للجرجاني ١/ ٣١١. والكشاف للزمخشري ٢/ ٤١٧. وشرح شواهد الإيضاح لابن بري / ٨٦/.


الصفحة التالية
Icon