الفاء وهو أبو الحسن (١).
﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا﴾ الاستفهام بمعنى الإنكار، وهو في المعنى داخل على الإخراج، وإن كان في اللفظ دخل على إذا، لأنه أنكر البعث لا الموت، والعامل في (إذا) فعل دل عليه الكلام، أي: أبعث إذا مت، ولا يعمل فيه ﴿أُخْرَجُ﴾، لأجل اللام، لا تقول: اليوم لزيد قائم، لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبله، وكذا ما بعد إن والاستفهام وحرف النفي لا يعمل فيما قبلهن، واللام في ﴿لَسَوْفَ﴾ لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، والمبتدأ محذوف تقديره: لأنا سوف أخرج، لا لام جواب قسم محذوف كما زعم بعضهم، لأن لام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التأكيد، وإذا ثبت أنها لام الابتداء، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة من المبتدإِ والخبر، فلا بد من تقدير مبتدإٍ وخبر، وأن يكون أصله: لأنا سوف أخرج، و ﴿مَا﴾ في ﴿أَإِذَا مَا مِتُّ﴾ صلة للتوكيد، و ﴿حَيًّا﴾ منصوب على الحال من المنوي في ﴿أُخْرَجُ﴾.
وقوله: (أَوَلَا يذَّكَّرُ الإنسانُ) قرئ: بتشديد الذال وفتحها مع فتح الكاف (٢)، والأصل يتذكر، فأدغمت التاء في الذال بعد قلبها ذالًا على: أفلا يتدبر ويتفكر.
وقرئ: بتخفيف الذال وضم الكاف (٣)، على أنه مضارع ذَكَر الذي هو

(١) انظر مذهب أبي الحسن في زيادة الفاء في معانيه ١/ ٣٦. وحكاه عنه الجرجاني في المقتصد، وابن بري في شرح شواهد الإيضاح الموضعين السابقين. وانظر رأي أبي الحسن أيضًا في البيان ٢/ ١٢٩. والتبيان ٢/ ٨٧٧.
(٢) وتشديدها، وهي لأكثر العشرة كما سيأتي.
(٣) (يَذْكُرُ) قرأها نافع، وابن عامر، وعاصم. والباقون على الأولى. انظر السبعة / ٤١٠/. والحجة ٥/ ٢٠٤. والمبسوط / ٢٨٩/. والتذكرة ٢/ ٤٢٦.


الصفحة التالية
Icon