وقوله: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ أي: كان ورودكم النار جزمًا وقطعًا، أي: كان ذلك واجبًا على الله، أوجبه على نفسه، وقضى به، وعزم على ألا يكون غيره، يقال: حتم الأمر، إذا أوجبه.
﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ جمع جاث، وانتصابه على الحال من ﴿الظَّالِمِينَ﴾، أي: ساقطين على ركبهم.
و﴿بَيِّنَاتٍ﴾: حال من الآيات.
وقوله: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ (مقامًا) و (نديًا) كلاهما منصوب على التمييز.
وقرئ: (مَقَامًا) بفتح الميم (١)، وفيه وجهان، أحدهما: هو موضع الإقامة. والثاني: هو مصدر كالإقامة، لأن المصدر واسم الموضع من فَعَلَ يَفْعُلُ على مَفْعَلِ نحو: قتل يقتل مقتلًا، وهذا مَقْتَلُهُ، وكذلك المقام.
وبالضم (٢)، وفيه الوجهان.
والندي - على فعيل - مجلس القوم الذي يجتمعون فيه لحادثة أو مشاورة، وكذلك النَّدْوَةُ والنادِي، وإنما سمي الندي، لأن الناس يندون فيه، أي يجتمعون للمشاورة، يقال: نَدَوْتُ، أي: حضرت النَّدِيَّ، وندوتُ القوم: جمعتهم في النَّدِيِّ، ومصدره: النَّدْوُ (٣).

(١) هذه قراءة الجمهور غير ابن كثير كما سيأتي.
(٢) قرأها ابن كثير وحده. وانظرها مع قراءة الآخرين في السبعة / ٤١١/. والحجة ٥/ ٢٠٥. والمبسوط / ٢٩٠/.
(٣) انظر الصحاح (ندا) وليس فيه ذكر للمصدر. وانظره في القاموس.


الصفحة التالية
Icon