﴿كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَلَّا﴾ ردع وزجر، أي: ليس الأمر على ما قال وزعم، ويجوز أن يكون بمعنى حقًا. وقوله: ﴿مَدًّا﴾ مصدر مؤكد، ومعنى قوله: ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾ أي: نزيده عذابًا فوق العذاب، من المدد، ومَدَّه وأمده بمعنى، تعضده قراءة من قرأ: (ونُمِدُّ له) بضم النون وهو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (١).
وقوله: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ ورث فعل يتعدى إلى مفعولين، يقال: وَرِثْتُهُ ماله، وَوَرِثْتُ منه ماله، ومفعولاه هنا ضمير المُدعي و ﴿مَا يَقُولُ﴾، أي: يرث منه ما يقول لي وهو المال والولد في قوله: ﴿لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ (٢) بعد إهلاكنا له، فالضمير هو المفعول الأول، و ﴿مَا﴾ مع ما بعده هو الثاني (٣). والمعنى: نزوي عنه ما زعم أنه يناله في الآخرة، ونعطيه من يستحقه (٤).
وقوله: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ (فردًا) حال من المنوي في ﴿وَيَأْتِينَا﴾، وهي حال مقدرة.
وقوله: ﴿لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ (العز) مصدر قولك: عَزَّ فلان يَعِزَّ عِزًّا، إذا

(١) انظر قراءته أيضًا في مختصر الشواذ / ٨٦/. والكشاف ٢/ ٤٢٢. ومفاتيح الغيب ٢١/ ٢١٣.
(٢) من الآية (٧٧).
(٣) لم أجد من تابع المؤلف على هذا الإعراب، وكلهم أعرب (ما) إما على البدل من الهاء. أو مفعولًا بها، أي: نرث منه قوله، فتكون الهاء على تقدير نزع الخافض. انظر مشكل مكي ٢/ ٦٣. والبيان ٢/ ١٣٥. والتبيان ٢/ ٨٨٢. والدر المصون ٧/ ٦٤٠. أقول: ويظهر أن هذا مبني على أن (ورث) عندهم يتعدى إلى مفعول واحد فقط أو مع حرف الجر، ويشهد لهم أن الجوهري (ورث) لم يذكر إلا: ورثت أبي، وورثت الشيء من أبي. ويشهد للمؤلف - رحمه الله - أن صاحب اللسان (ورث) قال: ورثه مالَه ومجدَه، وورثه عنه. وقال: ورثت فلانًا مالًا. والله أعلم.
(٤) من الكشاف ٢/ ٤٢٢.


الصفحة التالية
Icon