قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ (يوم) يجوز أن يكون ظرفًا لـ ﴿نَعُدُّ﴾ على أن يكون العدّ واقعًا في ذلك اليوم. وأن يكون ظرفًا لقوله: ﴿لَا يَمْلِكُونَ﴾ (١)، أي: لا يملكون الشفاعة في ذلك اليوم. وأن يكون ظرفًا لمضمر، أي: نفعل بالفريقين في ذلك اليوم كيت وكيْت. وأن يكون مفعولًا به على: اذكر ذلك اليوم (٢).
و﴿وَفْدًا﴾ هنا يجوز أن يكون مصدرًا، يقال: وفد فلان على السلطان، أي: ورد رسولًا، يفد وفدًا فهو وافد، وأن يكون جمع وافد كراكب وركب، وصاحب وصحب، وهو في كلا الوجهين في موضع الحال، أي وافدين، أو ذوي وفد، ومعناه: ركبانًا مكرمين، بشهادة ما روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "أمَا واللهِ مَا يُحْشَرُونَ على أرجلهم، ولكنهم على نوقٍ لم يَرَ الخلائِقُ مثلها، عليها أرحلة الذهب، وأَزِمَّتُها الزبرجد، وعلى نجائبَ سروجُها ياقوتٌ" (٣).
﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ (وردًا) مصدر قولك: ورد فلان الماء يَرِدُ وِرْدًا وورودًا، إذا أتاه عطشان، لأن من يَرِدِ الماء لا يرده إلا لعطش في الأمر العام، وحقيقة الورد: المسير إلى الماء، وهو في موضع الحال، أي: نسوقهم إليها عطاشًا، ويجوز أن يكون مصدرًا مؤكدًا لفعل

(١) الآتي في الآية (٨٧) بعده.
(٢) هذه الأوجه عند الزمخشري ٢/ ٤٢٣ عدا الأول منها، وانظره في التبيان ٢/ ٨٨٢.
(٣) الأثر بهذا اللفظ كاملًا عن علي - رضي الله عنه - ساقه صاحب الكشاف ٢/ ٤٢٣. وأخرجه موقوفًا ابن أبي شيبة ١٣/ ١١٩. وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند ١/ ١٥٥. والطبري ١٦/ ١٢٦. والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٧٧. ورفعه ابن أبي داود في كتاب البعث / ٥٣/. وانظر تخريج الحافظ للكشاف / ١٠٨/. والسيوطي في الدر المنثور ٥/ ٥٣٩. ولم أجد اللفظة الأخيرة في هذه الروايات، ثم إني وجدتها عند البغوي في معالم التنزيل ٣/ ٢٠٩ والحمد لله.


الصفحة التالية
Icon