مضمر دل عليه سياق الكلام، كأنه قيل: ونسوق المجرمين إلى جهنم فيردونها وِردًا، والوِرد أيضًا الوُرَّادُ، وهم الذين يردون الماء، قال يصف قليبًا:
٤٢٦ - * يَطْمُو إِذَا الوِرْدُ عَلَيْهِ الْتَكّا (١) *
وكلاهما يحتمل هنا.
﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٨٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَا يَمْلِكُونَ﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا والضمير فيه للخلق أجمعين، دل عليه ذكر الفريقين: المتقين والمجرمين، وأن يكون حالًا منهم، أي غير مالكين الشفاعة، ويجوز أن يكون [الضمير فيه للمتقين، وأن يكون] للمجرمين. وبجوز أن يكون علامة للجمع، كالتي في قولهم: أَكَلُونِي البَراغِيث (٢).
فإذا فهم هذا فقوله عز وجل: ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ﴾ يجوز أن يكون محل ﴿مَنِ﴾ النصب على الاستثناء المنقطع أو المتصل، أو على تقدير حذف المضاف، أي: إلا شفاعة من اتخذ فإنه مشفوع له، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
أو الرفع: إما على البدل من الضمير في ﴿يَمْلِكُونَ﴾، أو على الفاعلية على جعل الواو في ﴿لَا يَمْلِكُونَ﴾ علامة للجمع، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض (٣).

(١) كذا هذا الرجز دون نسبة أيضًا في جمهرة اللغة ١/ ١٣٤ و ٥٤٠. والصحاح (ورد) و (لكك). والقرطبي ١١/ ١٥٣. واللسان (ورد). وقبله:
* صَبَّحْنَ من وَشْحَى قَليبًا سُكّا *
ووشحى: اسم بئر. وسُكّا: ضيقة. والتكا: ازدحم.
(٢) انظر الكتاب ١/ ١٩.
(٣) انظر هذه الأوجه في الكشاف ٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤.


الصفحة التالية
Icon