وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: الوقف على ﴿الْعَرْشِ﴾ (١)، فارتفاع ﴿مَا﴾ على قوله إن صح على الفاعلية بـ ﴿اسْتَوَى﴾ على معنى: تمَّ له واتسق ما فيهما وما بينهما و ﴿وَمَا تَحْتَ الثَّرَى﴾: وهو التراب الندي (٢).
﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (٧) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَخْفَى﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أنه اسم على أفعل بمعنى التفضيل، ومحله النصب عطفًا على ﴿السِّرَّ﴾، أي: يعلم السر، وهو ما أسررته في نفسك، ﴿وَأَخْفَى﴾ منه، وهو ما لم يكن ولم يسره أحد، فحذف منه للعلم به.
والثاني: هو فعل ماض، على معنى: أنه يعلم أسرار عباده، وأخفى عنهم ما يعلمه هو، كقوله: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ (٣) عن ابن زيد (٤)، والوجه هو الأول وعليه الجمهور (٥).
وقوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ ابتداء وخبر، ولك أن تجعل اسم الله جل ذكره بدلًا من المنوي في ﴿يَعْلَمُ﴾، أو في ﴿وَأَخْفَى﴾ على قول ابن زيد، أو على إضمار (هو الله).

(١) كذا ذكرها عنه أيضًا أبو حيان ٦/ ٢٢٦. والسمين ٨/ ١٣. والآلوسي ١٦/ ١٦١ لكن قالوا: إن الرواية عنه غير صحيحة. وقد ذكر العكبري ٢/ ٨٨٥ هذا الوجه دون نسبة لكنه استبعده.
(٢) أخرجه الطبري ١٦/ ١٣٩ عن الضحاك.
(٣) الآية (١١٠) من هذه السورة.
(٤) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني، أخرج له الترمذي، وابن ماجه. لكنهم ضعفوه بالحديث. له "التفسير" و"الناسخ والمنسوخ". توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة.
(٥) انظر قول ابن زيد - ويُروى عن زيد بن أسلم أبيه - مع قول الجمهور في جامع البيان ١٦/ ١٣٩ - ١٤٠. والنكت والعيون ٣/ ٣٩٤. ومعالم التنزيل ٣/ ٢١٢. وزاد المسير ٥/ ٢٧١.


الصفحة التالية
Icon