وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)}:
قوله عز وجل: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ أي: اصطفيتك للنبوة، وقرئ: (وَأَنَّا اخْتَرْنَاكَ) (١) على الجمع لمعنى التعظيم والإشادة، وهو عطف [على] (أني)، أي: نودي بأني أنا ربك وبأنا اخترناك. وقيل: هو من صلة ﴿فَاسْتَمِعْ﴾، أي: ولأنَّا اخترناك فاستمع (٢)، كقوله: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ (٣)، وقوله: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ (٤) على مذهب الخليل رحمه الله (٥). و (ما) في ﴿لِمَا يُوحَى﴾ موصولة، أي: للذي يوحى، أو مصدرية، أي: للوحي. وهي من صلة ﴿فَاسْتَمِعْ﴾ أو من صلة (اخترناك) أعني: اللام.
وقوله: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ اللام من صلة ﴿وَأَقِمِ﴾ والمصدر الذي هو الذكر يجوز أن يكون مضافًا إلى المفعول، أي: أقمها لتذكرني فيها، لأن الصلاة مشتملة على الأذكار، وأن يكون مضافًا إلى الفاعل، أي: لذكري إياك بالمدح والثناء، أو لذكري إيَّاها، لأنِّي ذكرتها في الكتب وأمرت بإقامتها وبالمواظبة عليها. وقيل: ﴿لِذِكْرِي﴾ بدل من قوله: ﴿لِمَا يُوحَى﴾ أي: فاستمع لذكري، ثم قال: وأقم الصلاة.
﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (١٥) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (١٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ قال الأصمعي: خَفَيْتُ الشيءَ أَخفيه خَفْيًا: كتمته، وخفيته أيضًا: أظهرته، وهو من
(٢) قدم العكبري ٢/ ٨٨٦ هذا الوجه على الأول.
(٣) سورة الجن، الآية: ١٨.
(٤) سورة قريش، الآية: ١.
(٥) انظر الكتاب ٣/ ١٢٦ - ١٢٧.