الأضداد (١). وأبو عبيدة مثله (٢). والإخفاء مثله (٣). فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: ﴿أُخْفِيهَا﴾، الجمهور على ضم الهمزة، وفيه وجهان:
أحدهما: أسترها، وعلم الساعة مستور عن الخلائق. واختلف في تقديره ومعناه، فقيل: أكاد أُخفيها فلا أقول هي آتية لفرط إرادتي إخفاءها (٤)، كقوله: ﴿لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ (٥). وقيل: أكاد أخفيها من نفسي، فكيف أظهرها عليكم؟ وكذا هي في بعض المصاحف (٦)، وهذا مبالغة في كتمان الشيء، تقول العرب: كتمت هذا الشيء حتى من نفسي، أي: لم أُطلع عليه أحدًا، ومعنى الآية: أن الله تعالى بالغَ في إخفاء الساعة فذكره بأبلغ ما تعرفه العرب، والنكتة في إخفائها: التهويل والتخويف، لأن الناس إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة، كانوا على حذر منها كل حين وأوان.
والثاني: أظهرها، وأُنشد لامرئ القيس:
٤٣١ - فَإِنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لَا نُخْفِهِ | وَإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لَا تَقْعُدِ (٧) |
(٢) أي في كونه من الأضداد، وانظر قول أبي عبيدة في المجاز ٢/ ١٦. والصحاح الموضع السابق. وهو قول الفراء والكسائي كما في معاني الفراء ٢/ ١٧٦.
(٣) انظر جامع البيان ١٦/ ١٥٠. وإعراب النحاس ٢/ ٣٣٤.
(٤) قاله الزمخشري ٢/ ٤٢٩.
(٥) سورة الأعراف، الآية: ١٨٧.
(٦) ذكر الفراء ٢/ ١٧٦ أنها في قراءة أُبي - رضي الله عنه -: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها). وأخرج الطبري ١٦/ ١٤٩ عن قتادة أنها في بعض الحروف: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها من نفسي). وانظر مختصر الشواذ / ٨٧/. والنكت والعيون ٣/ ٣٩٧.
(٧) انظر هذا الشاهد أيضًا في معاني الفراء ٢/ ١٧٧. ومجاز القرآن ٢/ ١٧. ومعاني الزجاج ٣/ ٣٥٣. وجامع البيان ١٦/ ١٥٠. وأضداد الأنباري / ٩٦/. والنكت والعيون ٣/ ٣٩٨. والمحرر الوجيز ١١/ ٦٨. وزاد المسير ٥/ ٢٧٦.
(٨) في مجاز القرآن الموضع السابق.