وقوله: ﴿أَتَوَكَّأُ﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون خبرًا بعد خبر. وقيل: في موضع الحال من الياء أو من العصا (١)، وليس بالمتين لعدم العامل إلا على تأويل وتعسف. والمعنى: أعتمد عليها إذا مشيت، أو وقفت على رأس القطيع. والتَّوَكُؤ على العصا: التحامل عليها عند المشي وعند الوثبة.
وقوله: ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي﴾ الجمهور على ضم الهاء مع شين معجمة على معنى: أخبط بها الورق على رؤوس غنمي لتأكله، يقال: هش الورق يهشه هَشًّا، إذا خبطه بعصا ليتحاتَّ. قال الراجز:

٤٣٢ - أَهُشُّ بالعَصَا عَلَى أَغْنَامِي مِنْ نَاعِمِ الأَرَاكِ والبَشَامِ (٢)
وقرئ: (أَهِشُّ) بكسر الهاء والشين معجمة بحالها (٣). قيل: هما لغتان بمعنى، جيء به على فَعَلَ يَفْعِلُ بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر وإن كان مضاعفًا ومتعديًا، وله نظائر في اللغة نحو: هَرَّ الشيء يَهِرُّه ويَهُرُّه، إذا كرهه. وشَدَّ الحبل يَشدُّه وَيَشِدُّه. وتَمَّ الحديث يَتُمُّه ويَتِمُّه، وفي أحرف سوى هذه، فلذلك يكون أهِش بكسر الهاء بمعنى أهُش بضمها، وليس قول من قال: معناه: أكسر بها على غنمي عادِيَتَها، من قولك: هششت الخبزَ، إذا كسرته بعد يبس (٤) بمستقيم، لأنه لا يقال: هششت الخبز، إنما يقال: هش الخيز يَهِشُّ هَشًّا، إذا كان يتكسر لهشاشته. ولم يذكر أحد من أهل اللغة فيما اطلعت عليه تعدية الهش، فاعرفه.
(١) كذا في التبيان ٢/ ٨٨٨ أيضًا.
(٢) انظر هذا الرجز بدون نسبة في مجاز القرآن ٢/ ١٧. وجامع البيان ١٦/ ١٥٤. والنكت والعيون ٣/ ٣٩٩. والقرطبي ١١/ ١٨٧. والبشام: مثل الأراك شجر طيب الريح يستاك به.
(٣) قرأها إبراهيم النخعي كما في المحتسب ٢/ ٥٠. والكشاف ٢/ ٤٣٠. والمحرر الوجيز ١١/ ٧٠. والقرطبي ١١/ ١٨٦. وفي مختصر الشواذ / ٨٧/ قراءة النخعي: (وأُهِش) بالضم وكسر الهاء.
(٤) هذا القول للعكبري ٢/ ٨٨٨.


الصفحة التالية
Icon