وقوله: ﴿مَرَّةً أُخْرَى﴾ انتصابها إمَّا على المصدر، أي: مِنَّة أخرى، بمعنى: كَرَّة أخرى، وإما على الظرف، وهي من مرور الزمان، أي: في زمان آخر قد مر قبل ذلك، وقد فسر المرة بقوله: ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا..﴾ الآية، و ﴿إِذْ﴾ ظرف لـ ﴿مَنَنَّا﴾ على الوجه الأول، وهو نصبك ﴿مَرَّةً﴾ على المصدر، وعلى الثاني: بدل منها.
﴿إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنِ اقْذِفِيهِ﴾ (أن) هنا يحتمل أن تكون هي المفسرة بمعنى (أي)، لأنّ الوحي بمعنى القول أو نوع منه، وأن تكون مصدرية في موضع نصب على البدل من ﴿مَا﴾. أو رفع على تأويل هو. والقذف: الإلقاء والرمي.
وقوله: ﴿عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ﴾ اللام فيهما من صلة ﴿عَدُوٌّ﴾ أي: مُعادٍ لي ومُعادٍ له.
وقوله: ﴿مِنِّي﴾ يجوز أن يكون من صلة الإلقاء على معنى: أحبَبْتُكَ، لقول العرب: ألقى عليه رحمته، إذا أحبه وأشفق عليه. وأن يكون صفة لـ ﴿مَحَبَّةً﴾، أي: محبة حاصلة، أو واقعة مني (١).
وقوله: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ الجمهور على كسر اللام وضم التاء وفتح العين، وهو عطف على علة مضمرة، والتقدير: وألقيت عليك محبة مني لِتُحَبَّ ولتصنعَ على عيني. أو: ولتصنع على عيني فعلت ذلك، أو ألقيته عليك.
وقيل: الواو صلة، واللام من صلة (ألقيت) على هذا، والوجه ما ذُكِرَ

(١) الوجهان للزمخشري ٢/ ٤٣٣.


الصفحة التالية
Icon