أحدهما: فرعون، على معنى: إنما نخاف أن يفرط علينا فرعون، أي: يعجل علينا بالعقوبة ويبادرنا بها، يقال: فَرَط علينا فلان، إذا عجل بمكروهه، وفرط منه أمر، أي: بدر، وأصل الفَرْط: السبق والتقدم، ومنه الفارط، وهو المتقدم أمام القوم إلى الماء، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا فرطكم على الحوض" (١).
والثاني: مضمر تقديره: إنَّا نخاف أن يفرط علينا منه قول أو أمر، فأضمر لدلالة الحال عليه.
وقرئ: (أَنْ يُفْرَطَ) بعكس قراءة الجمهور (٢)، من أَفْرَطَهُ غيره، إذا حمله على العجلة، أي يُحْمَلُ على العجلة، والمعنى: نخاف أن يحمله حامل على السرعة علينا بما لا يليق بنا من عقاب وعذاب، والحامل على ذلك إما شيطان أو طغيان.
وقوله: ﴿مَعَكُمَا أَسْمَعُ﴾ يجوز أن يكون ﴿مَعَكُمَا﴾ خبر إنَّ، أي: إنَّني حاضر معكما. و ﴿أَسْمَعُ﴾ إما خبر بعد خبر، أو حال من المنوي في الخبر. وأن يكون ظرفًا لأسمع، و ﴿أَسْمَعُ﴾ هو الخبر.
﴿إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨) قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنَّ الْعَذَابَ﴾ محل ﴿أَنَّ﴾ الرفع على الفاعلية.
وقوله: ﴿فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى﴾ خاطب أولًا موسى وهارون - عليهما السلام - ثم خص

(١) متفق عليه، أخرجه البخاري في الرقاق، باب في الحوض (٦٥٧٥) و (٦٥٨٩). ومسلم في الفضائل، باب إثبات حوض نبينا محمد - ﷺ - (٢٢٩٧) و (٢٢٨٩). وكان في (ب) و (ط): (إلى) بدل (على). وما أثبته من (أ) والصحيحين.
(٢) يعني بضم الياء وفتح الراء، وهي قراءة ابن محيصن وغيره. انظر مختصر الشواذ / ٨٧/. والمحتسب ٢/ ٥٢. والمحرر الوجيز ١١/ ٧٧. وزاد المسير ٥/ ٢٨٩.


الصفحة التالية
Icon