كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (٦٤)}:
قوله عز وجل: (إنَّ هذين) قرئ: (هذين) بالياء (١) وهو القياس، لأنه اسم إن وهو منصوب، والياء علم النصب، غير أنه مخالف للرسم. و (هذان) بالألف (٢)، وفيه أوجه قد ذكرتهن في الكتاب الموسوم: بالدرة الفريدة في شرح القصيدة، فأغنى عن الإعادة ها هنا (٣).
وقوله: ﴿وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ﴾ الباء هنا كالهمزة في قوله: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ﴾ (٤)، أي: ويذهبا طريقتكم المثلى، أي: سنتكم ودينكم وما أنتم عليه، و ﴿الْمُثْلَى﴾: تأنيث الأمثل وهو الأفضل، يقال: فلان أمثل قومه، أي: أفضلهم.
وقوله: (فاجْمَعوا كيدكم) قرئ: بوصل الألف وفتح الميم (٥)، وهو من المجمع الذي هو ضد التفريق، يعضده ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ (٦)، والمعنى: جيئوا بكل مَكِيدَةٍ وحِيلةٍ لكم لا تدعوا منه شيئًا.
(٢) هذه قراءة الجمهور غير أبي عمرو، مع خلاف في إنَّ وإنْ. انظر السبعة / ٤١٩/. والحجة ٥/ ٢٢٩. والمبسوط / ٢٩٦/.
(٣) أما قراءة أبي عمرو: فواضحة إعرابًا، إلا أنها مشكلة من حيث رسم المصحف بدون ياء، وهي مبنية على رواية تقول: إن الكاتب لحن فيها. وأما قراءة الباقين: فأوضح ما قيل فيها: أن (إنّ) على بابها و (هذان) اسمها منصوب لكنه جاء على لغة بعض القبائل العربية التي تبقي المثنى بالألف في جميع أحواله وتقدر عليه علامات الإعراب كالمقصور. وأما على قراءة عاصم: (إنْ هذان) بتخفيف (إن): فعلى أنها المخففة، وما بعدها مبتدأ وخبر. لكن اعترضوا عليه بدخول اللام على الخبر، وهو ما يخالف مذهب سيبويه. وانظر تفصيلًا أكثر في معاني الزجاج ٣/ ٢٦١ - ٢٦٤. وإعراب النحاس ٢/ ٣٤٣ - ٣٤٧. ومشكل مكي ٢/ ٦٩ - ٧١.
(٤) سورة الأحقاف، الآية: ٢٠.
(٥) هذه قراءة أبي عمرو وحده من العشرة كما سوف أخرج.
(٦) تقدمت في الآية (٦٠) من هذه السورة.