قوله: ﴿وَالَّذِي﴾ جَرٌّ إما بالعطف على ﴿مَا﴾ على معنى: لن نؤثر اتباعك على ما جاءنا من البينات، ولا على الله الذي خلقنا، فحذف المضاف، ولا من المعطوف. أو بواو القسم، وجوابه ما قبله.
وقوله: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ (ما) موصولة والعائد محذوف، أي: قاضِيَهُ، أي: صانعه، يقال: قضى الشيءَ، إذا صنعه وفرغ منه. وقيل معناه: احكم بما أنت حاكم به (١)، وقضى بالشيء، إذا حكم به. وقد جوز أن يكون ظرفًا على معنى: فاقض القضاء مدة كونك قاضيًا (٢).
وقوله: ﴿إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ (ما) كافة و ﴿هَذِهِ﴾ نصب على الظرف، و ﴿الْحَيَاةَ﴾ بدل من ﴿هَذِهِ﴾ أو نعت لها، ومفعول ﴿تَقْضِي﴾ محذوف، أي: إنما تصنع ما تصنعه وتحكم به في هذه الحياة الدنيا. ولك أن تنصب على أنه مفعول به، على معنى: إنما تقضي أمور هذه الحياة الدنيا، فحذف المضاف.
وقد أجاز الفراء رفع قوله: ﴿هَذِهِ الْحَيَاةَ﴾ على أن تكون ﴿مَا﴾ موصولة اسم إِنَّ، و ﴿هَذِهِ﴾ خبرها.
وقرئ: (تُقْضَى هذه الحياةُ) على البناء للمفعول (٣). ولا يخلو أن تنصب ﴿هَذِهِ الْحَيَاةَ﴾ في قراءة الجمهور على الظرف، أو على أنه مفعول به، فإن كان ظرفًا فاتسع فيه بإجرائه مجرى المفعول به، كقولك في صمت يوم الجمعة: صيم يوم الجمعة، وإن كان مفعولًا به فظاهر.
﴿إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣)﴾:
(٢) جوزه أبو البقاء ٢/ ٨٩٧.
(٣) قرأها أبو حيوة كما في مختصر الشواذ / ٨٨/. والبحر ٦/ ٢٦٢. والإتحاف ٢/ ٢٥١. ونسبها ابن الجوزي في زاده ٥/ ٣٠٧ إلى ابن أبي عبلة، وأبي المتوكل.