والثاني: هو بمعنى: تبع، يقال: أَتْبَعَ وَتَبِعَ واتَّبَعَ بمعنىً.
فالباء في قوله: ﴿بِجُنُودِهِ﴾ على الوجه الأول: يجوز أن تكون مزيدة كقوله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (١) وقوله:

٤٣٨ -............ .... لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ (٢)
وشبهها من المفاعيل بما يزاد فيه الجار، أي: فأتبعهم فرعون جنودَه. وأن تكون للحال، والمفعول الثاني محذوف، أي: فاتبعهم فرعون عقوبته ومعه جنوده، وذو الحال فرعون. وأما على الثاني: فيحتمل أن تكون للحال، وأن تكون للتعدية.
وقرئ: (فاتَّبَعَهُمْ) بوصل الألف (٣)، والباء على هذه للتعدية أو للحال أي: فتبعهم ومعه جنوده.
وقوله: ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ (ما) موصول هو فاعل قوله: ﴿فَغَشِيَهُمْ﴾ أي: علاهم وسترهم من البحر ما لا يعلم كنهه إلا الله، وأتى بلفظ العموم تهويلًا للأمر وتعظيمًا للشأن، لأنه أبلغ وأشد تأثيرًا في القلب من التعيين، واليم: البحر.
وقوله: ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾ أي: وما هداهم حين أوردهم موارد الهلكة، وإنما لم يُعَدَّ استغناءً بتعدية (أَضلَّ) كقوله: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا
(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٥.
(٢) للراعي النميري، وللقتال الكلابي. وهو كاملًا هكذا:
هن الحرائر لا ربات أخمرة سود المحاجر لا.......
ويروى: تلك الحرائر... وانظره في مجاز القرآن ١/ ٤. وأدب الكاتب / ٥٢١/. وجمهرة اللغة ٣/ ١٢٣٦. وإعراب ثلاثين سورة / ١٣٣/. والحجة ٥/ ٢٤١. وشرح الأبيات المشكلة / ٤٨١/. والصحاح (سور). وشرح الحماسة للمرزوقي ٢/ ٥٠٠. وفقه اللغة / ٣١٥/. والمخصص ١٤/ ٧٠ و ٢٠١. والمقتصد ١/ ٦٠٣. وانظر معجم البلدان (الحرة الرجلاء) و (مخلين). والخزانة ٩/ ١٠٧ - ١٠٨ للتحقق من نسبته.
(٣) هي رواية عبيد عن أبي عمرو. انظر السبعة / ٤٢٢/. والحجة ٥/ ٢٤٠.


الصفحة التالية
Icon