وقوله: ﴿حُمِّلْنَا أَوْزَارًا﴾ قرئ: (حَمَلْنا) بفتح الحاء والميم مخففًا (١)، على إسناد الفعل إليهم وتعديته إلى مفعول واحد وهو ﴿أَوْزَارًا﴾.
وقرئ: (حُمِّلنا) بضم الحاء وكسر الميم مشددًا (٢)، على البناء للمفعول وتعديته إلى مفعولين، أحدهما: القائم مقام الفاعل وهو الألف والنون، والثاني: باق على أصله وهو ﴿أَوْزَارًا﴾، وذلك أن (حَمَل) فعل يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا ضوعفت عينه تعدى إلى مفعولين، نحو: حمل فلان الشيء وحَمَّلْتُه إياه، قال جل ذكره: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ (٣). والقراءتان متقاربتان، لأنهم إذا حُمِّلُوا حَمَلُوا. والأوزار: الأثقال من حُلِي القبط. وقيل: الأوزار: الآثام (٤).
وقوله: ﴿فَكَذَلِكَ﴾ محل الكاف النصب على النعت لمصدر محذوف، أي: إلقاء مثل ذلك.
وقوله: ﴿فَنَسِيَ﴾ في فاعل الفعل وجهان:
أحدهما: موسى - عليه السلام -، على معنى: أن موسى نسي إلهه ها هنا وذهب يطلبه عند الطور، أي: تركه، ويجوز أن يكون من النسيان الذي هو ضد الذكر، وهو في كلا التأويلين حكاية عن قول السامري.
والثاني: السامري، أي: نسي السامري. أي: فترك ما كان عليه من الإيمان، وهو استئناف كلام من الله جل ذكره.

(١) قرأها أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف، وأبو بكر عن عاصم، وروح عن يعقوب كما سوف أخرج.
(٢) قرأها الباقون من العشرة. انظر القراءتين في السبعة / ٤٢٣/. والحجة ٥/ ٢٤٦. والمبسوط / ٢٩٧/. والتذكرة ٢/ ٤٣٤.
(٣) سورة الجمعة، الآية: ٥.
(٤) انظر المعنيين في معاني الزجاج ٣/ ٣٧٢. والنكت والعيون ٣/ ٤١٨. والكشاف ٢/ ٤٤٤. واقتصر الطبري ١٦/ ١٩٨. وابن الجوزي ٥/ ٣١٤ على الأول.


الصفحة التالية
Icon