قوله عز وجل: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ﴾ (عاكفين) خبر قوله: ﴿لَنْ نَبْرَحَ﴾، و ﴿عَلَيْهِ﴾ من صلته، أي: لن نزال مقيمين على عبادة العجل حتى يرجع إلينا موسى. ولك أن تنصبه على الحال من المنوي في ﴿لَنْ نَبْرَحَ﴾.
وقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ﴾ (ما) استفهام في موضع رفع بالابتداء، والخبر ﴿مَنَعَكَ﴾، و ﴿إِذْ﴾ ظرف له، و ﴿ضَلُّوا﴾ في موضع المفعول الثاني [لرأيت]. ويجوز أن يكون في موضع الحال وقد معه مرادة، والرؤية على هذه من رؤية العين. و (لا) في ﴿أَلَّا﴾ مزيدة، كالتي في قوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ (١)، أي: ما منعك أن تتبعني، وأنْ وما اتصل بها في موضع نصب بقوله: ﴿مَنَعَكَ﴾، والمعنى: ما منعك من اتباعي واللحوق بي بمن أطاعك؟ وقيل: معناه ما منعك أن تتبعني فيما أمرتك به حين قلت لك: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾ (٢).
﴿قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ (٩٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَبْنَؤُمَّ﴾ قد مضى الكلام عليه في "الأعراف" (٣).
وقوله: ﴿لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي﴾ في الكلام حذف تقدير: لا تأخذني، ولذلك دخلت الباء في قوله: ﴿بِلِحْيَتِي﴾ وقوله: ﴿وَلَا بِرَأْسِي﴾.
والجمهور على كسر اللام في قوله: ﴿بِلِحْيَتِي﴾، وقرئ: بفتحها (٤). قيل: وهي لغة أهل الحجاز (٥).
(٢) انظر القرطبي ١١/ ٢٣٧. والآية من "الأعراف" [١٤٢].
(٣) آية (١٥٠) حيث ذُكرت هذه الجملة هناك.
(٤) قرأها عيسى بن سليمان الحجازي. انظر مختصر الشواذ / ٨٩/. والبحر ٦/ ٢٧٣.
(٥) الكشاف ٢/ ٤٤٥.