ولا يجوز أن يكون الرفع على البدل، لأن البدل في الموجب غير جائز، ألا ترى أنك لا تقول: جاءني القوم إلا زيد، على حد قولك: ما جاءني أحد إلا زيد، لأجل أنّ البدل يوجب إسقاط الأول، فقولك: ما جاءني أحد إلا زيد، بمنزلة قولك: ما جاءني إلا زيد، وليس كذا قولك: جاءني القوم إلا زيد، لأجل أنه لا تقدر أن تقول: جاءني إلا زيد، لأجل أن رفع زيد بالفعل يوجب إثبات المجيء له، وليس المعنى على هذا، وإنما الغرض أن يُنفى المجيء عنه، وإذا كان كذلك علمت أن قوله جل ذكره: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ﴾ بمعنى غير الله، وأن قوله: ﴿آلِهَةٌ﴾ لا يجوز أن يكون في حكم الساقط، إذ لو أسقطته لصار إلى قولك: لو كان فيهما إلّا الله لفسدتا. وهذا فاسد لفساد المعنى، لأن الله عز وعلا هو خالقهما، ووجودهما بإنشائه وإحداثه، فكيف تفسدان بوجوده فيهما؟
ولا يجوز النصب على الاستثناء لفساد المعنى، ألا ترى أنك إذا قلت: لو جاءني القوم إلا زيدًا - بالنصب - لأعطيتهم كذا وكذا. كان المعنى: أن الإعطاء امتنع لكون زيد مع القوم، وكذا في الآية لو نصبت لكان المعنى: أن فسود السموات والأرض امتنع لكون الله مع الآلهة فيهما، وهذا ظاهر الفساد لإثبات الآلهة مع الله، تعالى الله عما يقول الظالمون.
وأبين من هذا أنك لو قلت: لو كان فيهما آلهة إلا الله بالنصب لفسدتا، لكان فاسدًا، لأنه يوهم أنك لو قلت: لو كان فيهما آلهة مع الله لما فسدتا، وهذا ظاهر الفساد، وإذا رفعت على الوصف لا يلزم منه مثل ذلك، والمعنى: لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا، لخربتا، وهلكتا بسبب التمانع والتنازع بين الآلهة، فاعرفه.
وعن الفراء: (إلا) هنا بمعنى سوى (١)، وهو حسن، غير أن ما عليه