أصحابنا أمتن، لا بل هو الوجه عند من تأمله.
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي﴾ الجمهور على ترك التنوين في ﴿ذِكْرُ﴾ فيهما على الإضافة إلى ﴿مَنْ﴾، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول، على معنى: أن هذا الكتاب [المنزل] (١) عَلَيَّ وهو القرآن - هو ذكر مَن معي مِن الأمة، وذكر من معي من الأمم المتقدمة، أي: يشتمل على ذكر هذه الأمة، وذكر الأمم السالفة، وليس فيه جواز اتخاذ آلهة سوى الله.
أو إلى الفاعل، على معنى: أن هذا الذي أتلوه عليكم، أن الله تعالى فرد صمد، وأنه لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، قول من معي في عصري، ومن قبلي من أهل الكتاب، أي ذكر ذلك من معي ومن قبلي.
وقرئ: (ذِكْرٌ مَنْ مَعِي وذِكْرٌ مَنْ قَبْلِي) بالتنوين (٢)، وهو الأصل، و (مَنْ) مفعول منصوب بالذكر، أو فاعل مرفوع به على المعنيين.
وقرئ أيضًا: (هذا ذِكْرٌ مِنْ معي وذكرٌ مِنْ قبلي) بالتنوين في (ذكر) فيهما وكسر الميم من (مِن) في الموضعين (٣). قال أبو الفتح: حكى صاحب الكتاب وأبو زيد: جئت مِنْ مَعِهِمْ، بمعنى من عندهم، فكأنه قال: هذا ذكر منْ عندي ومن قبلي، أي: جئت به، كما جاء به الأنبياء من قبلي، كقوله سبحانه: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (٤) وتجويز

(١) إضافة لتوضيح المعنى.
(٢) كذا أيضًا هذه القراءة في الكشاف ٣/ ٨. والتبيان ٢/ ٩١٥. والبحر ٦/ ٣٠٦ دون نسبة.
(٣) نسبت هذه القراءة إلى يحيى بن يعمر، وطلحة بن مصرف. انظر مختصر الشواذ / ٩١/. والمحتسب ٢/ ٦١. والمحرر الوجيز ١١/ ١٣٠. والقرطبي ١١/ ٢٨٠.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٦٣.


الصفحة التالية
Icon