دخول (مِن) على (مع) دليل على أنه اسم هو ظرف، كقبل وبعد وعند ولدن وما أشبه ذلك من الأسماء التي هي الظروف، فدخل عليه (مِنْ) كما يدخل على أخواته (١).
وقوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ﴾ الجمهور على نصب ﴿الْحَقَّ﴾ بالفعل الذي قبله وهو ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ وقرئ: بالرفع (٢) على إضمار مبتدأ أي: هذا، أو هو الحقُّ.
وقوله: ﴿أَنَّهُ﴾ هو القائم مقام الفاعل، والضمير ضمير الشأن والحديث.
﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَلْ عِبَادٌ﴾ خبر مبتدإٍ محذوف، أي: بل هم عباد، وأجاز الفراء: (عبادًا) بالنصب على بل اتخذ عبادًا (٣). و ﴿مُكْرَمُونَ﴾ صفة لهم، وكذا و ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ﴾.
وقوله: ﴿فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾ في محل (ذلك) وجهان - أحدهما: الرفع بالابتداء و ﴿نَجْزِيهِ﴾ الخبر، والهاء تعود إلى ذا و ﴿جَهَنَّمَ﴾ مفعول ثان لنجزيه، والجملة جواب الشرط الذي هو ﴿وَمَنْ يَقُلْ﴾، والإشارة في قوله: ﴿فَذَلِكَ﴾ إلى (مَن)، أي: فذلك القائل نجزيه جهنم على ادعائه الإلهيّة، والثاني: النصب بفعل دل عليه ﴿نَجْزِيهِ﴾.

(١) انظر المحتسب الموضع السابق، والكتاب ١/ ٤٢٠.
(٢) قرأها الحسن. وابن محيصن. انظر إعراب النحاس ٢/ ٣٧٠. ومختصر الشواذ / ٩١/. والمحتسب ٢/ ٦١. ومشكل مكي ٢/ ٨٣. والمحرر الوجيز ١١/ ١٣١.
(٣) معاني الفراء ٢/ ٢٠١. وجوزه الزجاج ٣/ ٣٨٩ في غير القرآن.


الصفحة التالية
Icon