وقرئ: (نُجْزِيهُ) بضم النون والهاء (١)، على أن الأصل نجزئ به جهنم، أي: نكفيها به، أي: نمكنها منه فتأتي عليه، كأنها تطلب باستيفائها إياه الاكتفاء بذلك، من قولهم: أجزأني الشيء، أي: كفاني، ثم حذف حرف الجر فصار نجزئه جهنم، أي: نطعمه جهنم، ثم أبدلت الهمزة ياء على حد: أَخْطَيْتُ، وَقَرَيْتُ، فصارت نُجْزِيهُ، وأُقِرَّت الهاء على ضمتها تنبيهًا على أنّ الأصل الهمز وأن حكمه باق، وأن ما عرض فيه من البدل لم يكن عن قويّ عذر، فاعرفه فإنه من كلام أبي الفتح - رحمه الله - (٢).
وقوله: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ محل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: نجزيهم جهنم جزاء مثل ذلك.
﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَوَلَمْ﴾ قرئ بالواو (٣) ردًّا للكلام بالعاطف على ما قبله، وقرئ: (ألم) بحذفها (٤) على استئناف الكلام، وكلٌّ من الفريقين وافق رسمه (٥).
وقوله: ﴿كَانَتَا رَتْقًا﴾ الجمهور على إسكان التاء، وهو مصدر قولك: رتق فلان الفتق يرتقه رَتْقًا إذا سدّه، ولكونه مصدرًا وُحِّد، أي: كانتا ذواتي رتق، أو مرتوقتين، كخلق الله، وصيد الصائد، وكل شيئين

(١) قرأها أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد. انظر المحتسب ٢/ ٦١. والمحرر الوجيز ١١/ ١٣٢.
(٢) المحتسب الموضع السابق.
(٣) هذه قراءة الجمهور غير ابن كثير كما سيأتي.
(٤) قرأها ابن كثير وحده. انظر القراءتين في السبعة / ٤٢٨/. والحجة ٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦. والمبسوط / ٣٠١/.
(٥) فهي بدون واو في مصاحف أهل مكة، وفي سائر المصاحف بالواو. انظر المصادر السابقة.


الصفحة التالية
Icon