متصلين لا فرجة بينهما فهو رتق، أي: مرتوق.
وقرئ: (رَتَقًا) بفتح التاء (١)، وهو بمعنى المرتوق، قال أبو الفتح: قد كثر عنهم مجيء المصدر على فَعْل ساكن العين، واسم المفعول منه على فَعَلٍ مفتوحها، وذلك قولهم: النَّقْضُ للمصدر والنَّقَضُ للمنقوض، والخَبْطُ المصدر، والخَبَطُ: الشيء المخبوط، وكذا الرّتَقُ بمعنى المرتوق (٢). وهو على تقدير حذف موصوف، أي: كانتا شيئًا رتقًا، أي: مرتوقًا. ومعنى ذلك: أن السماء كانت لاصقة بالأرض لا فضاء بينهما، فجعل بينهما الهواء، أو كانت السموات متلاصقات، وكذلك الأرضون، لا فرج بينهما، ففتقها الله، وفرج بينها.
وقيل: فتقت السماء بالمطر، والأرض بالنبات (٣).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ الجعل هنا يجوز أن يكون بمعنى التصيير، فيتعدى إلى مفعولين وهما: ﴿مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ﴾ فكل شيء مفعول أول، و ﴿مِنَ الْمَاءِ﴾ ثانٍ، وفي الكلام حذف مضاف، أي: وصيرنا حياة كل شيء من الماء، فحذف المضاف اكتفاء بقوله: ﴿حَيٍّ﴾، وهو صفة لشيء.
وقرئ: (حَيًّا) بالنصب (٤)، وذلك يحتمل وجهين - أحدهما: أن يكون هو المفعول الثاني لـ ﴿جَعَلْنَا﴾ ويكون الظرف لغوًا. والثاني: أن يكون صفة لـ ﴿كُلَّ﴾ والظرف على بابه.
(٢) المحتسب الموضع السابق.
(٣) هذا قول عكرمة، وعطية، وابن زيد. انظر هذا القول مع سابقيه في جامع البيان ١٧/ ١٨ - ١٩. والنكت والعيون ٣/ ٤٤٤.
(٤) قرأها معاذ القارئ. وابن أبي عبلة، وحميد بن قيس. انظر زاد المسير ٥/ ٣٤٨. واكتفى أبو حيان ٦/ ٣٠٩ بنسبتها إلى حميد.