وأن يكون بمعنى الخلق، فيتعدى إلى مفعول واحد، وهو ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ أي: وخلقنا من الماء كل حيوان.
و﴿مِنَ الْمَاءِ﴾: يجوز أن يكون من صلة ﴿جَعَلْنَا﴾، وأن يكون صفة لـ ﴿كُلَّ﴾ في الأصل، فلما تقدم عليه حكم عليه بالحال.
﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (٣٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾ أي: كراهة أو مخافة أن تميد بهم، أي: تميل وتضطرب، أو لأن لا تميد بهم، فحذف لا واللام لعدم الإلباس، وهذا مذهب أهل الكوفة (١).
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا﴾ (فيها) أي: في الرواسي، أو في الأرض، وانتصاب قوله: ﴿فِجَاجًا﴾ على الحال من سبل، وهو في الأصل صفة لها، بشهادة قوله جل ذكره في موضع آخر: ﴿لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا﴾ (٢) فلما تقدمت عليها جعلت حالًا، كقوله:

٤٤٤ - لِعَزَةَ مُوحِشًا طَلَلٌ قَدِيمٌ ............ (٣)
قيل: والفرق بينهما من جهة المعنى: أن أحدهما إعلام بأنه جعل فيها طرقًا واسعة. والثاني: بأنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة، فهو بيان لما أبهم ثمة (٤).
وقيل: (سبلًا) بدلٌ منها (٥). والوجه هو الأول.
(١) انظر مذهب الكوفيين أيضًا في الكشاف ٣/ ١٠.
(٢) سورة نوح، الآية: ٢٠.
(٣) تقدم عدة مرات أولها برقم (٥٥).
(٤) قاله الزمخشري ٣/ ١٠.
(٥) قاله أبو البقاء ٢/ ٩١٧.


الصفحة التالية
Icon