وقوله: ﴿فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ انتصاب قوله: ﴿شَيْئًا﴾ إما على المصدر، أي: شيئًا من الظلم، أو على أنه مفعول ثان لـ ﴿تُظْلَمُ﴾.
وقوله: ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ﴾ قرئ: (مِثقالَ) بالنصب (١) على كان الناقصة، أي: وإن كان الشيءُ أو الظلامةُ مثقالَ حبة. فإن قلت: لو كان المنوي فيها للظلامة لقيل: كانت. قلت: ذُكِّر حملًا على المعنى، لأن الظلامة والظلم بمعنى.
وقرئ: (مِثقالُ) بالرفع (٢) على كان التامة، كقوله: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ﴾ (٣)، أي: وإن وقع مثقال حبة. ﴿مِنْ خَرْدَلٍ﴾: في موضع الصفة ولـ ﴿مِثْقَالَ﴾، أو لـ ﴿حَبَّةٍ﴾.
وقوله: ﴿أَتَيْنَا بِهَا﴾ الجمهور على قصر (أتينا) بمعنى جئنا بها، تعضده قراءة من قرأ: (جئنا بها) وهو أبي - رضي الله عنه - (٤).
وقرئ: (آتينا بها) بالمد (٥)، بمعنى: جازينا ﴿بِهَا﴾، فهو فَاعَلْنَا، ولا يكون أفعلنا، إذ لو كان كذلك للزم حذف الباء من ﴿بِهَا﴾، لأن أفعلنا لا يتعدى بحرف جر. قال أبو الفتح: ومضارع آتينا بها نُؤَاتِي مُؤَاتَاةً، وأنا مُؤَاتٍ، وهو مُؤَاتىً، ومن قال: ضارَبْتُ ضِرَابًا، قال: إِتَاءً، ومن قال: ضِيرابًا، قال: إِيتَاءً، انتهى كلامه (٦).
(٢) هذه قراءة أبي جعفر، ونافع. وانظر القراءتين في السبعة / ٤٢٩/. والحجة ٥/ ٢٥٦. والمبسوط / ٣٠٢/.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٨٠.
(٤) انظر قراءته أيضًا في مختصر الشواذ / ٩٢/. والكشاف ٢/ ١٣. والبحر ٦/ ٣١٦. ونسبها السمين ٨/ ١٦٥ إلى ابن مسعود - رضي الله عنه - خلافًا لشيخه، وهو سهو أو تصحيف والله أعلم.
(٥) هذه قراءة مجاهد، وابن عباس - رضي الله عنهما -، وكثيرين. انظر معاني الفراء ٢/ ٢٠٥. وجامع البيان ١٧/ ٣٤. والمحتسب ٢/ ٦٣. ومشكل مكي ٢/ ٨٥. والكشاف ٢/ ١٣. والمحرر الوجيز ١١/ ١٤١.
(٦) المحتسب الموضع السابق.